مشيت تجمع المحاكم في بحري كان عندي غرض هناك في محكمة الطفل، القاضي ما جا.. مشيت بره المجمع، في ست شاي ظريفة، تحت شجرة نيم ظليلة وحولها يتحلق عدد من أصحاب القضايا التي تخص محكمة العمل ضمن تجمع المحاكم .. ولقيت راجل كبير حكَّاي خلاص خلينا نسميهو آدم الفوراوي.. والونسة جرت.. قام قال لي: أنا مشيت دارفور سنه 2007 .. الحلال كلها اتحرقت وبرضو يقولوا ليك العودة.. العودة لي وين؟ حكى لي عن السوتو الحرب.. أنا عارف لكين آدم بحكي بي طريقتو .. حكى لي عن التعايش السلمي في دارفور .. كلمني عن حي أولاد الريف وكيف اندمجوا هناك وكانوا قاعدين من زمن السلطان علي.. عرفت انو بقصد الزعيم التاريخي علي دينار لكنو كان بتكلم عنو زي كأنو حاكم لغاية هسه.. اتكلم لي عن تاريخ دارفور .. عن الزغاوة.. وعن اللهجات المتعددة .. المهم ونسني بي دارفور مازي ونسة النخبه البجيبوهم في التلفزيون . ما اتكلم لي عن الأثنية ولا عن التهميش.. قمت قلت ليهو .. هسع دي يا آدم لو لا قدر الله دارفور طالبت بالانفصال وانفصلت بتقدر تعمل دوله.. ما اتفاجأ ولا اندهش .. قال لي ليه لا دارفور قدر فرنسا.. قلت ليهو مامن ناحية المساحة.. من ناحية البنيات التحتية.. قلت امكن ما فهم لكنو فهم قال لي: بعد الحرب ولا قبل الحرب؟ أنا قمت سكت ساكت.. عمكم آدم حكَّاي وبأشر بي ايدينو .. وكلامو لذيذ.. وعندو «لكنة» في لغتو العربية لكنها ومع وضوحا وعذوبتا عجبتني شديد. كانت ونسة ممتعة ومفيدة يقطعها علينا بعض المحامين الشباب ويرحبون بي وبيني وبينهم محبة متبادلة.. لا أدري ما سرها.. وبعضهم يسألني: هل شفت آخرتا ولا لسة؟.. لكن لاحظت أن آدم لا يحفل بذلك ولم يسألني عن هويتي وكنهي بل يواصل الحكي.. لاحظت أن آدم يستمتع بالحكي.. كأنه ينفس به عن كروبه بعد ذلك طبعاً لا بد أن أعرف لماذا الرجل هنا.. فسألته: فقال أنا جئت لمحكمة العمل.. أصلي كنت شغال في شركه قاموا رفدوني قالوا: بقيت عجوز.. قمت اشتكيتم لي محكمة العمل قامت محكمة العمل قالت لي ناس الشركة: ياترجعوه للشغل.. ياتدوه حقوقو على داير المليم .. أها قاموا ناس الشركه قالوا: برجعوني الشغل، لكن أنا ماداير أرجع الشغل.. أنا داير أشيل حقوقي.. قلت له: وداير ترجع البلد.. وتسعى ليك بقرا !! فلم يوافق على الفكرة، قال بما يعني انه يريد قضاء شيخوخة هادئة، أكمل كوب الشاي ونهض فودعته بحرارة .. ذهب أدم الفوراوي، وأنا حسيت بأنو واحد صاحبي شديد مشى مني وإمكن تاني مانتلاقى..