بقدر ما كان الخبر الذي نشرته "سودان تربيون" عن صدور تصاريح لعبور طائرات عسكرية أجواء السودان إلى تشاد، يُرجّح أنها حملت شحنات سلاح وعتادًا حربيًا إلى ميليشيا الدعم السريع مزعجاً، بقدر ما أنه أيضًا يضع الجرس على رقبة الدولة، وينبه إلى ثغرات قد تبدو غير مرئية، لكنها موجودة، وواجب مكافحتها يحتاج إلى تدابير عاجلة حتى لا يتسع الفتق على الراتق. ذلك الجرح ضغط عليه_ في مرات عديدة_ الفريق ياسر العطا، عندما أشار إلى وجود (الجن جويد) في مفاصل الدولة ومرافقها الحيوية، ولو بمنطق التُقية، ولذلك فإن التصاريح التي مُنحت ل109 رحلة جوية لطائرات شحن عسكرية من طراز إليوشن إيل 76، دون علم الجيش، في الفترة بين مايو ويوليو 2023، إن صح ذلك، لا يجب أن يمر مرور الهواء الناعم، على الأقل يجب التحقيق الجاد ووضع الرأي العام في الصورة، سيما وأننا نواجه أكبر عدوان على الدولة، يتحين الفرصة لاختراقها والهجوم عليها من مناطق مختلفة، دعك من تلك التنورة القصيرة التي تشف عن عورة الجهاز التنفيذي، وهى كلها قضايا أمن قومي من الدرجة الأولى. ولعل ذلك الأمر ينسحب بالضرورة للحديث عن السيادة البحرية، وأهمية حراسة جميع المواقع التي يمكن أن نؤتى منها أيضًا، فلا يُقد قميصنا من دُبر ولا من قُبلٍ، ولذا كثُر الحديث عن خطورة سيطرة الشركات الأجنبية على المياه الإقليمية، حد أننا نسمع أحيانًا عن إحباط السلطات لمحاولات تهريب شحنات أسلحة ومخدرات عبر ساحل البحر الأحمر، ولا يمكن أبداً يكون ذلك الأمر من الأنشطة الطبيعية، ما يعني أننا في حاجة لشركات سودانية تلج هذا المحيط الشاسع، وتخوض غمار المنافسة. وقد أحسنت تاركو صنيعاً وهى تصعد الأمواج العاتية وتقتحم مجال احتكار النقل البحري لشركات أجنبية، حد أنها هيمنت طويلاً على نقل الحجاج دون جدارة_ بصورة تحمل شبهات فساد واضحة_ أعمت أعين رجال المجلس الأعلى للحج والعمرة، والذي خلق أجواء لا تتوفر فيها شروط المنافسة العادلة. ما يهم الآن أننا بحاجة إلى وجود شركات وطنية في هذا المجال الحيوي، ونحن من أهم الدول المشاطئة، كما فعلت تاركو بقطع بحرية رابضة، تُزين البحر باسم ريناس الملكة النوبية العظيمة، وتحفظ لنا سيادتنا الوطنية، وتحجز الفراغ للأسطول البحري السوداني الذي نحلم به، مالكاً ومملوكاً للدولة.