تلك كانت مقولة الغائب الحاضر دائماً فينا الأستاذ حسن ساتي- عليه رحمة الله- فقد سطر يراعه عدداً من المقالات حول الموت الناتج عن خطأ عبر الطائرات المؤجرة المتهالكة، وعدم انتظام الصيانة الدورية في الخطوط الجوية السودانية، وحرمان بلادنا من قطع الغيار الأمريكية، وحوادث الطريق المروعة، التي تزهق الأرواح في كل صباح بسبب سوء الطرق وغياب العلامات المرورية العاكسة، وأيضاً تهور بعض السائقين في تجاوز السرعة المطلوبة، وفوق كل ذلك أضيف بأن الإرهاق وقيادة السيارة لا يلتقيان، بل هو الخطر الحقيقي، فلا أدري لماذا إصرار الكثير من السائقين على القيادة وهم شبه نائمين، فلماذا لا يوقف عربته وينال قسطاً من الراحة على جانب الطريق، أو حتى يغفو لفترة زمنية تمكنه من استعادة قواه للقيادة من جديد. إن كل الأرواح التي تزهق في حوادث السير والذين يموتون في أسِّرتهم نقول هذه مشيئة الله سبحانه وتعالى وحكمته التي لا يعلمها إلا هو، فبالأمس القريب فقدنا العزيز الفنان نادر خضر في حادث مروري على طريق التحدي، وقبله على طريق شريان الشمال غاب عنا الشاعر المرهف الرائع محمد حسن حميد، وفي زمن ليس بالبعيد وعلى نفس الطريق فارق الحياة الفانية مجذوب الخليفة، غير ذلك الكم من غير المشهورين من أبناء الوطن، الذين ماتوا على نفس الطريق، مما يؤكد أن هناك خللاً ما في طريق شندي- عطبرة وطريق الخرطوم- شندي يستوجب مراجعة مرورية عاجلة على وجه الخصوص من شرطة مرور ولاية نهر النيل، لاكتشاف الخلل والتعجيل بالمعالجة حفاظاً على أرواح الناس التي تهدر «سنبلة». رحم الله الصديق الفنان نادر خضر الذي ودعته الجماهير بتلك الكثافة العالية، في استفتاء حول حب الناس لذلك الشاب الرائع، الذي تأكد لي وأنا أرافق صديقي العزيز فتحي شيلا للتشييع في مقابر حمد النيل، بأن الفنان ليس الذي يطرب الجماهير بصوته العذب، والتفاف الناس حوله ليس بسبب ألحانه الشجية، بل بأعماله الطيبات وحسن معشره، وتواضعه وكرمه وتواصله الاجتماعي مع كل الناس، فقد كان نادر خضر كذلك يحمل في قلبه الكبير الكثير من الحب لكافة شرائح المجتمع السوداني، حيث كثيراً ما وجدته مجاملاً بفنه وألحانه كل من يطلب منه المشاركة، كما عرفته كثيراً كناشط في منظمات المجتمع المدني، يقدم الكثير دون حتى التفكير في المقابل، ويكفي بأنه كان سفير الفن والنوايا الحسنة مع أشقائنا في دولة اثيوبيا.. ألا رحم الله نادر خضر وأسكنه فسيح جناته بقدر ما قدم لهذا الوطن وبقدر حب الناس له ولفنه الباقي في الوجدان أبد الدهور.