«حمة خفيفة.... ونتوقع انفراجاً وشيكاً..» هكذا إختزل الدكتور الفاتح عزالدين رئيس لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة في البرلمان الأزمة الإقتصادية في السودان.... الدكتور الفاتح لم يحدثنا في برنامج «مؤتمر إذاعي» بإذاعة أم درمان أمس الأول عن أسباب «الحمى الخفيفة» التي جعلت جميع المواطنين «يرتجفون».. شأنه في ذلك شأن العديد من الأطباء الذين يقولون لمرضاهم «بسيطة استعمل هذه الحبوب»..الأزمة الإقتصادية الحالية لم تبدأ في عهد علي محمود حسب الرسول وزير المالية، ولا في عهد حكومة «القاعدة العريضة» ذات الخمسة عشر حزباً، وإنما نتاج سياسات وقرارات خاطئة أتخذها مسئولون في الدولة وتغاضى عنها البعض.. عملية «تجنيب» المؤسسات للمال ورفضها الإيراد في خزانة الدولة، لم تكن مخفية على أحد، وقد ظل كل وزير مالية، يطالب بولاية وزارته على المال دون أن تستجيب هذه المؤسسات.. البعض استغل رغبة الحكومة في النهوض بالبلاد وتطويرها، وقدموا لها مشروعات ناجحة «نظرياً على الورق» فانفقت عليها الدولة أموالاً طائلة، ولاتزال دون أن تحقق نتائج ملموسة، وأصبحت عبئاً ثقيلاً على الخزانة مشروع سندس الزراعي نموذجاً واللافت أن جزءاً كبيراً من التمويل يذهب للجانب الإداري للمشروع عبر عقودات العمل والإمتيازات.. إقتصاد البلاد لايعاني من «حمى خفيفة» يمكن علاجها ب«حبة بنادول» وإنما يعاني من مشكلات تحتاج الى «جراحات» لإزالة أسباب «الحمى».. وهي جراحات ليست بالضرورة أن تكون «برفع الدعم عن المحروقات» لأن مثل هذه القرارات أشبه ب«المسكنات».....وإنما بوضع سياسات تنهض بالزراعة والصناعة وإيجاد أسواق خارجية وإزالة الأسباب الحقيقية التي تعيق القطاعين... فالمزارعون وأصحاب المصانع يشكون من إرتفاع تكلفة الإنتاج بسبب الضرائب والرسوم العالية.