عُلم أن من بين الخيارات التي يجري التداول حولها داخل أروقة المؤتمر الوطني، يطالب فيه كل الوزراء بالمركز والولايات بتقديم استقالاتهم طوعاً، لرفع الحرج عن الحكومة في حال عدم تعيين أي من الوزراء المستقيلين في الحكومة المقبلة، والتي لا تسع عدداً كبيراً من المسؤولين الحاليين. وأبلغ مصدر الصحيفة أن ذلك المقترح أحد الخيارات المطروحة، مشيرًا إلى أن تشكيل الحكومة الحالية قائم على موازنات حزبية محددة، وأن تقديم الاستقالة يعني شعور الوزراء بأهمية المرحلة الحالية، ولإتاحة الفرصة لرتق نسيج الاقتصاد من خلال تشكيل حكومة رشيقة، لا تمثل عبئاً على خزينة الدولة، لكن المصدر أشار إلى ضرورة أن تتفهم الأحزاب المشكِّلة للحكومة الحالية تلك الخطوة، حتى لا يتم أي تذمر حال تقليص عدد الوزراء الذين تم الاتفاق عليهم في فترة سابقة. من ناحيته أعرب رئيس لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة في البرلمان د. الفاتح عز الدين عن نيتهم تقليص الوزارات رأسياً وأفقياً لكنه نفى بشدة وصولهم للرقم «15»، وتوقع خفض مخصصات المسؤولين بنسبة «45%» والإبقاء على سيارة واحدة لكل واحد منهم وإجراء جراحة بلا رحمة لموضوع الامتيازات، على حد توصيفه، وإجراء مراجعة شاملة وجذرية لمختلف القطاعات تطول البنوك والشركات الكبرى مع إلغاء الصغيرة منها، وأكد أنه لولا تعرض صانع القرار لضغوط كبيرة لإشراك المكوِّن السياسي والقبلي والجندر وسداد فاتورة السلام مع الحركات الموقِّعة على اتفاقيات، لاستطاع المؤتمر الوطني إدارة دفة الحكم ب «10» أشخاص وإدارات متخصصة. إلى ذلك دعا الفاتح المواطنين إلى ضرورة التحلي بالصبر لمقابلة أزمة الاقتصاد التي وصفها ب «الحمى الخفيفة»، وتقع عدم تطاولها عبر اتباع سياسات إستراتيجية ذات مردود سريع، وكشف عن رفض النواب مقترحات برفع الدعم عن الوقود منذ العام «2006م»، لكنه برر تراجعهم عن موقفهم الأخير بالاستجابة لمستجدّات الظرف الأمني وإغلاق المنافذ أمام المهرِّبين، علاوة على حرمان شريحة الوجود الأجنبي من مزية الاستفادة من الدعم بنسبة تقدَّر ب «58%» وعزا تأجيل إنزال التدابير الاقتصادية المزمعة لما وصفه بإشفاقهم على المواطن. ولفت الفاتح في برنامج «مؤتمر إذاعي» أمس إلى نيتهم تقديم الدعم المباشر ل «3» ملايين مواطن، وشروعهم في تقليص هياكل الحكم، ومحاربتهم لتجنيب الأموال ولو كان لإقامة مساجد لله، على حد قوله، وأكدّ قدرة المؤتمر الوطني على إدارة الحكومة ب «10» أشخاص وطاقم إدارات متخصص، وتوقع أن تشهد نهاية العام انفراجًا ملموسًا بناء على الخطى الكبيرة للبرنامج الثلاثي في قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين، وقال: خطوة واحدة ونصل إلى الساحل. وفي ذات السياق، عدَّد د. الفاتح جملة من التدابير لتقليل الإسقاطات السالبة على الشرائح الضعيفة في مقدمتها تقديم الدعم المباشر ل «3» ملايين مواطن ودعم السلع الإستراتيجية، بجانب دعم الطلاب. وفي السياق أعلنت جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان استعداد وزرائها بالمركز والولايات للتخلي عن مناصبهم دعماً لجهود التقشف بالدولة، ووقوفاً مع معاناة المواطن في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.ودعا د. إسماعيل عثمان محمد الماحي الرئيس العام للجماعة في خطبة الجمعة بمسجد المركز العام للجماعة بالسجانة إلى التخلي عن رفع الدعم عن المحروقات باعتبار أنه خيار غير مجدٍ لمنع الانهيار الاقتصادي بحسب الخبراء، وقال:« إذا كان لا يمثل حلاً جذرياً للأزمة فلماذا الاستعجال في تطبيقه». وطرح د. إسماعيل مجموعة من الحلول والبدائل لمواجهة الأزمة الاقتصادية بالبلاد، وذلك بالاتجاه للزراعة ووضعها على رأس أولويات الإنفاق العام بالدولة، مشددًا على أهمية محاربة الظلم واستغلال النفوذ والفساد بأنواعه والتعدي على المال العام وذلك بآليات عملية تجتث هذه الظواهر، وتكون لها آثار ملموسة ومحسوسة يراها الناس على أرض الواقع. واعتبر أن الاستغفار هو آلية مهمة لمعالجة التدهور الاقتصادي، وطالب د. إسماعيل بوضع إستراتيجية عملية للتعامل مع موارد السودان المختلفة، داعياً إلى إنهاء سياسة الهدر والتعامل غير المرشد مع الموارد وتبديدها فيما لا يفيد.