المجتمع الأوروبي لديه ولع كبير بكتابة الوصايا قبل الموت وقد تكون هذه الوصايا حقيقية وصادقة بمعنى أن تترك ثروة الموصى الراحل لأقربائه حسبما يريد وحسبما كانت معاملتهم له. وقد تكون وصايا للحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب أو لملاجئ القطط والكلاب لأن أصحابها يعتقدون أنها أولى من الإنسان. وقد تكون بعض هذه الوصايا شاذة وغريبة تعبر عن رغبات دفينة لم يستطيع أصحابها أن يعبروا عنها أثناء حياتهم. وتلعب الوصية فى التراث الغربي دوراً مهماً في الكثير من الترتيبات الإجتماعية والعائلية والمالية التي تعقب الوفاة. وقد جمع باحث بريطاني مجموعة من الوصايا التي كتبت في العصور السابقة، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، فالشاعر الهجائي الفرنسي فرانسوا ريباليه ترك وصية من سطرين قال فيها: ليس لدى شئ وأنا مديون بالكثير .. أما الباقي فقد تركته للفقراء، وأوصى النبيل الفرنسي الماركيز دي شاكليت في عام 1280 أن يكون قبره في أحد أعمدة الكنيسة لكي لا يدوس السوقة والغوغاء فوق قبره في حالة دفنه في الأرض!! وأوصى بحار إسكتلندي أنه في حالة وفاته في البحر فيجب أن تُعطى زوجته شلناً لكي تشتري بها بعض البندق فهي كانت دائماً تفضل تكسير البندق على خياطة ملابسه .!! وهناك رجل كندى كان يعشق الفتيات البدينات ويعتقد أنهن يستحقن الرعاية والإهتمام لذا فقد ترك وصية أنشأ بموجبها صندوق أمانات أودع فيه خمسين ألف دولار لتشييد مبنى يضم شققاً سكنية للفتيات البدينات. وهناك بعض الرجال يهتمون بزوجاتهم فى الحياة وفى الممات أيضاً، فقد أوصى عجوز إنجليزي فى وصيته بعد موته أنه منذ أن أُبتليت زوجته بزوج عجوز أحمق مثله فان يطلب منها ألا تفكر ثانية بالإقتران برجل آخر. ويذكرني هذا بقصة الإعرابي الذى إشتكي إلى الوالي أنه أُبتلي بزوجة سودت عليه عيشته، فقال له لماذا لا تطلقها؟ فأجابه الإعرابي أنه إذا طلقها فربما تتزوج رجل آخر وتسود عليه عيشته ويكون بهذا قد جني على الرجل!!. أما الشاعر الألماني هتريتش هين فقد كانت له وجهة نظر مخالفة، فقد كتب في وصيته أنه يترك كل ماله لزوجته شريطة أن تقوم بالزواج ثانية وفوراً للتأكد من وجود رجل على الأقل يتحسر على موته!! وأوصى طبيب إنجليزي في عام 1827 أن تُشرح جثته بعد موته وأن يُعطى قلبه لأحد الأطباء، ورئتاه إلى طبيب آخر وأن يُعطى مخه إلى طبيب ثالث لكي يحافظوا عليها فلا تتحلل!! كما أوصى أحد القضاة الفرنسيين عاش حياة غريبة فقد مارس معظم نشاطاته على سرير أو أريكة وقبل وفاته أوصى أن يدفن بالحالة أو الوضعية التي سوف يأتيه الموت فيها، أي على سريره ويدفن معه السرير والألحفة والأغطية والمخدات! !وأوصى أحد أثرياء لندن بكامل ثروته إلى أكبر أبنائه ولكن إذا سمح ذلك الإبن لشعر شاربه أن ينمو فإن الثروة تُنزع منه وتُعطى لإبنه الآخر!! وقد إمتلات الوصايا التى وجهها الأزواج الراحلين عن الدنيا لزوجاتهم من بعدهم على شئ من الإنتقام المرير، فقد ترك رجل أمريكي دولاراً واحداً لزوجته لتشترى به سماً زعافاً لتلحق به فى الآخرة . وهناك رجل أعمال أسترالي لم يكن أقل سخاء من رفيقه السابق حيث لم يترك لزوجته سوى 15 سنتاً كأجرة للترولى الذى تستقله لتغرق نفسها فى البحر!! وهناك آخرون عبروا عن حبهم لأوطانهم فى وصاياهم، فقد إدخر مهاجر ايطالى عاش فى ولاية نيوجيرسى الأمريكية مبلغ 16 ألف دولار، وأوصى بالمبلغ بكامله لحكومة الولاياتالمتحدة لأن هذا البلد كان رحيماً به. أما الأمريكي الجمهوري المتعصب من نفس الولاية فقد ترك لورثته كامل ومطلق معارضته للويس فرانكلين روزفلت وسلالته الحاكمة حتى تبقى رؤوس جميع من ينحدرون من صلبه مرفوعة بكل فخر وإعتزاز!!.