البخل شيء مقيت.. ولكن من طرائف العرب الأقدمين ما تندرت به أخبارهم.. ومن بخلاء العرب المشهورين أبو الأسود الدؤلي فقد قيل إنه وقف أعرابي على أبي الأسود وهو يتغدى.. فسلم عليه، فرد عليه السلام ولم يعزمه فقال الأعرابي لأبي الأسود: إني قد مررت بأهلك، فأجابة أبي الأسود وهو يأكل: كذلك كان طريقك.. قال له وامرأتك حبلى.. أجابه: كذلك كان عهدي بها.. قال الأعرابي: وأنها ولدت.. أجابه: كان لا بد لها أن تلد قال الإعرابي: ولدت غلامين.. أجابه كذلك كانت أمها.. فقال الإعرابي: مات أحد الولدين.. أجابه.. ما كانت تقوى على إرضاع الاثنين.. كل ذلك الحوار يجري وأبو الأسود يأكل ولم يعزم الإعرابي ثم يواصل الإعرابي الحديث فقال له: مات الولد الآخر.. رد عليه: ما كان ليبقى بعد موت أخيه.. قال الإعرابي «اللايوق»: وماتت الأم أيضاً.. قال أبو الأسود وهو يواصل الأكل: ماتت حزناً على ولديها.. وأخيراً قال الإعرابي: ما أطيب طعامك فأجابه أبو الأسود: لأجل ذلك أكلته وحدي والله لا ذقته يا إعرابي «تشمو قدحة» قسمة الدجاجات قدم إعرابي من البادية على رجل من أهل المدينة فأنزله فأمر المضيف زوجته أن تشوي لهم دجاجة ففعلت وجلسوا جميعاً للمائدة ومعهم الإعرابي الضيف وقال له صاحب الدار: «قسم بيننا الدجاجة.. رد الإعرابي لا أحسن القسمة فقال له حاول.. فكر الإعرابي ثم أجابه: الرأس للرئيس.. ثم قطع الجناحين وقال: الجناحان للابنين.. ثم قطع الساقين وقال: الساقان للبنتين ثم قطع الذنب: العجز للعجوز.. ثم الحلقوم أو «الزور» للزائر. أعجب الرجل بالقسمة وفي اليوم التالي أعدوا خمس دجاجات وقالوا للضيف قسمها.. فقسمها قائلاً: أقسمها لكم شفعاً أم وتراً؟ قالوا: وتراً أجابهم: أنت وامرأتك ودجاجة ثلاثة.. أولادك الاثنين ودجاجة ثلاثة.. وابنتاك ودجاجة ثلاثة.. وأخيراً قال الضيف: وأنا ودجاجتان ثلاثة!! قال له صاحب الدار: طيب قسمها شفعاً.. فقسمها الإعرابي البدوي قائلاً: انت واولادك الاثنين ودجاجة «أربعة» والعجوز والبنات الاثنين ودجاجة «أربعة» وأنا وثلاث دجاجات «أربعة».. إنما قسمة!!