أيها المواطنون الشرفاء.. لقد تدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وفشلت كل السياسات الرعناء في إيقاف التدهور ناهيك عن تحقيق أي قدر من التنمية مما زاد حدة التضخم وارتفعت الأسعار بصورة لم يسبق لها مثيل واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم إما لانعدامها أو ارتفاع أسعارها.. مما جعل الكثير من أبناء الوطن يعيشون على حافة المجاعة وقد أدى التدهور الاقتصادي إلى خراب المؤسسات العامة وانهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطيل الإنتاج.. بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمة متسولة تستجدي غذاءها وضرورياتها من خارج الحدود وانشغل المسؤولون بجمع المال الحرام حتى عم الفساد كل مرافق الدولة.. كل هذا مع استشراء التهريب والسوق الأسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراء يوماً بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة والنظم. أيها المواطنون الشرفاء: لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلى الشرفاء فشردتهم تحت مظلة الصالح العام مما أدى إلى انهيار الخدمة المدنية.. ولقد أصبح الولاء الحزبي والمحسوبية والفساد سبباً في تقديم الفاشلين في قيادة الخدمة المدنية وأفسدوا العمل الإداري وضاعت بين يديهم هيبة الحكم وسلطان الدولة ومصالح القطاع العام.. المواطنون الكرام إن إهمال الحكومات المتعاقبة على الأقاليم أدى إلى عزلها من العاصمة القومية وعن بعضها في ظل انهيار المواصلات وغياب السياسات القومية وانفراط عقد الأمن حتى افتقد المواطنون ما يحميهم ولجأوا إلى تكوين المليشيات.. كما انعدمت المواد التموينية في الأقاليم إلا في السوق الأسود وبأسعار خرافية. من المحرر: الأحبة في المؤتمر الوطني.. وبمناسبة العيد الثالث والعشرين.. لثورتكم التي «هبت» كما يقول صديقنا المبدع «ترباس».. والذي أخذته «الفورة» والحماس.. في أول أيام الإعصار ولم يدرِ الأستاذ.. أن أول من بدأت به تحجيماً وتحريماً وتقزيماً هو الغناء ذاك البهيج.. المهم أني بهذه المناسبة أهديكم الكلمات عالية.. والتي تبدأ بمخاطبة المواطنين الشرفاء.. وأرجو منكم أن تطمئنوا و«تختوا الرحمن في قلوبكم» هذا البيان عاليه.. ليس منشوراً شيوعياً طبعته «ماكينات الرونيو» تحت الأرض.. ولا هو انطلق من دار الأمة.. أو ذاك الدار الذي يقيم فيه الإمام في الملازمين.. كما أنه ليس من الأحبة البعثيين.. وزيادة في الاطمئنان نقسم لكم أنه لم تصنعه في ربوع «شيخنا» والذي كان شيخكم يدان.. إنه بيانكم الأول الذي خاطبتم به الشعب السوداني المدهش النبيل.. نعم إنه أعظم وأجل وأثمن هدية تقدم أو تهدى لكم في يوم احتفالكم هذا.. لن نعلق بحرف واحد.. لن نسخر ولا نعجب ولا ندهش.. فقط لأننا وطيلة عقدين من الزمان وتزيد أصبحت الدهشة لا تدهشنا.. ويا لبؤس الحياة عندما تختفي فيها الدهشة.. وأين أنت يا الدوش.. وهل كنت ستمتع روحك بالدهشة في زمان الناس هذا؟.. لا يهم.. المهم أني لو كنت مكانكم.. لكونت لجنة مصغرة من خمسة أو ستة أعضاء لا أكثر.. ومن أشد الناس نفوذاً وفكراً وتدبيراً.. لتقرأ هذه اللجنة البيان حرفاً حرفاً.. ولتقتله بحثاً وتنقيباً.. وأن تعمل فكرها بأقصى طاقته لتجيب على أسئلة تتدفق كما سيل أبو قطاطي ذاك الذي وكت يكسح ما يفضل شي.. والأسئلة أخفها.. ماذا حدث.. وأين كنا وأين وصلنا.. ولماذا.. وهل هذا معقول.. وهل يمكن أن نخلص للمقولة.. ما أشبه الليلة بالبارحة؟.. نعم هذا هو سيل الأسئلة.. أما أرى أنها سانحة تاريخية وهبها الله لكم.. لتفتح أبواب النقد والنقد الذاتي مشرعة أمامكم.. ولتمارسوا هذه الفضيلة أو المدرسة بأقصى وأقسى درجات الانضباط.