تصوير سفيان البشرى أم درمان عبق التاريخ وذاكرة السودان التي لا تخون.. والنيل شاهد عيان لمجرى الأحداث للإنسان.. وإرتباطهم زرعاً وماءاً وصيداً.. وفي النيل زراع وسمار ومراكبية.. وصناعة المراكب لها تاريخ تليد في السودان على شاطيء أبوروف بأم درمان يقف العم «حسين نصر» شامخاً مثل صاري سفينة، وشراع مركب عتيدة مليئة بالثقة، وحديثه ذو شجون وإيمانه بالعمل يجعله حضوراً رغم ثمانييته غير أنه بابتسامته الودودة يبدو في عنفوانه كمراكبه التي تصارع موج النيل، لتبقى صامدة في غايات البحث عن رزق حلال طيب. ٭ مازحنا قائلاً في بداية دردشتنا معه على شاطيء النيل بأبوروف «أنتو يا ناس الجرائد.. تدفعوا كم.. نحن محافظين ليكم على التراث.. قلت له يا عم: حسين نحن نكتب عنكم لتوثيق أعمالكم ونفتخر بكم..» قال: شكراً يا أبني.. فأنا تعلمت هذه المهنة منذ أن كان عمري «10» سنوات» وذلك في سنة 1945م على يدي والدي ومنذ ذلك الحين أنا في هذه المهنة التي تحتاج إلى الصبر والمهارة.. ٭ المراكب أنواع بحسب الأخشاب.. هنالك خشب السُّنط والنِّيم.. والحراز وبحسب المقاسات.. في البداية كانت المركب بطول (35) ذراعاً وهي بشراع وتجارية وبها عشرة بحارة وريس، وتحمل (2100) جوالاً للذرة وكانت التِّجارة ما بين أم درمان حتى الجنوب على النيل الأبيض، وكذلك مقاسات (25) ذراعاً و(10) ذراعاً، وللسَّماكة مراكباً صغيرةً في طول (8) ذراعاً و(7) ذراعاً.. والآن الأسعار ما بين (3) ملايين و(5) ملايين للمراكب الصغيرة، ومازال هنالك طلبيات عليها من بعض المهتمين بالمراكب الخشيبة، رغم منافسة الحديدية، وزبائن من الدويم ودنقلا وكوستي ومدني وحتى الخرطوم. ٭ صناعة المراكب تحتاج لشهر لو توفرت المواد، وعملنا بجهد والحمد لله العافية موجودة يا أبني.. ضاحكاً.. الحركة بها بركة رغم تقدم السن.. لسه القوة موجودة وهواء النيل صحي ونفي. ٭ المركب يتكون من اللترابل وهو ظهر المراكب، ومن البدن وهو الفرش والقاعدة، ومن العلو والجنبات، ومن الجوافيش وهي العراضات ومن البرواز وهو «الباطوس» ومضى وفي بالي مقاطع وأدندن مراكبيه والحلم شراع للأمل المدفوع بريح الإيمان والنيل ريان والرزق على الله لعباد الرحمن وعم حسين ود نمر.. الرجل الزين.. زول عادي يقر العين واحد من أهلي الطيبين أهل الوَّرع والدِّين ومراكبية والحلم أمان لوطن اسمو السودان