لم استطع أن أقاوم الزخم الإعلامي والهُليلة والزيطة والزمبريطة التي شاهدتها على بعض الفضائيات الأسبوع الماضي لما سمي تخفيف أعباء المعيشة عن المواطن في منطقة الساحة الخضراء.. وشاهدت بأم عيني السيد الوالي والسيد معتمد الخرطوم وهما يبشران بتخفيف الأعباء عن مواطن الخرطوم من خلال هذه المنافذ.. لم استطع أن أقاوم هذا الزخم الإعلامي رغم أنني أسكن بحري وتكبدت مشاق الذهاب حتى الساحة الخضراء ممنية نفسي بأن أتسوق وأخفف عبء الشراء من الأسواق والبقالات الذي هدّ حيلنا وعدمنا التعريفة!.. لكن دعوني أصف لكم دهشتي وصدمتي وخيبة أملي وعيناي تقعان على مشهد حسبته في البداية موقع تصوير لمسلسل بدوي تدور فيه معركة بالسيوف شردت ساكني الخيام وعملت فيهم تقتيلاً.. وأنا أشاهد ست أو سبع خيام متراصة بعضها «مشلع» وفاضية تشكو للكريم ما عدا واحدة بها شنط مدرسية موضوعة على منضدة.. سألت من يبيعها بكم الشنطة.. فقال لي «بثلاثين جنيه».. هذا هو بالضبط مشهد السوق الذي قيل إنه قصد منه تخفيف أعباء المعيشة ليكون سؤالي ليس عن تخفيف العبء.. لكن هو السوق ذاته وينو؟!.. هل هو سوق ليوم واحد ينتهي بانتهاء مراسم الدفن.. أقصد مراسم تصوير الوالي والمعتمد؟.. هل هو سوق من أجل الشو الإعلامي وتخدير الناس بأن الحكومة تعمل على تخفيف أعباء المعيشة بس «بالكلام».. ألم يكن من الأجدى أن يظل السوق سوقاً دائماً.. بل مستعداً لإضافة كثير من السلع من المنتج مباشرة للمستهلك؟.. كان نفسي أن يشاهد دكتور الخضر الحسرة على وجوه المواطنين الذين منوا أنفسهم بسوق يوفر لهم احتياجاتهم وليس مجرد كذبة بايخة.. هذا ليس أبريلها ونحن ليس لدينا نفس لسماعها!!.. المهم أنني وبعد هذا المشوار المطرشق أشارت عليّ ابنتي طالما اليوم إجازة أن نتجه إلى واحة الخرطوم هذا المول الفخيم الذي وبمجرد أن شاهدته شعرت بالفخر أن بلادنا أخيراً دخلت مصاف التطور والنهضة العمرانية.. لكن هل تعلم أخي الوالي أنه وبمجرد ولوجي لأول محل داخل هذا المول الكبير وهو على فكرة فاضي ليس فيه سوى محلين تلاته.. أدركت أننا اشترينا الترماي وأقول ليك كيف.. مثلاً المحل الشهير «ماكس» وهو ماركة عالمية يبيع الحذاء لا مؤاخذة بي «003» جنيه تقريباً وممكن عادي زول يقول لي إنتِ مالك والقادر يسوي!.. والعندو قرش محيرو يجيب حمام ويطيرو.. أقول لهذا نعم لو أن هذا الحذاء يستحق أو هو موديل جديد.. إذ أن المعروض هو موديلات أعوام مضت يتم بيعها في الخليج بربع ثمنها فكيف تباع للمواطن السوداني «نفايات» بمثل هذه الأسعار الخرافية!! خد عندك أخي الوالي «والهايبر ماركت».. مليء بما لذ وطاب لكن الأسعار خرافية وأهلنا الطيبون يبحلقون والعين بصيرة والإيد قصيرة ولا أدري لماذا تذكرت كلمات جمال الدين الأفغاني حيث قال ذهبت لبلاد الفرنج فوجدت إسلاماً بلا مسلمين.. وعدت لبلاد العرب فوجدت مسلمين بلا إسلام.. ليكون قولي مع الاعتذار للحكمة «ذهبت للساحة الخضراء فوجدت مواطنين بلا سلع.. وجئت الواحة فوجدت سلعاً بلا مواطنين»!! ٭ كلمة عزيزة لا أدري إن كان لجميعة حماية المستهلك رأي في أسعار مول الواحة أم أن هذه منطقة ممنوع التسديد فيها لضربات الجزاء. ٭ كلمة أعز الله كريم!!