عاشت اليونان (224) يوماً بلا حكومة منتخبة.. تمت في يونيو الماضي إعادة الانتخابات للمرة الثانية عقب فشل الأحزاب المتنافسة في تشكيل حكومة تكسب ثقة البرلمان.. الأمور تعقدت في بلاد افلاطون وارسطو بسبب ضائقة مالية كادت تخرج اليونان العريقة من الملة الأوربية.. بعد جهد جهيد تمكن الحزب الديمقراطي وأحزاب يمين الوسط من تشكيل تحالف لإنقاذ اليونان.. التحالف اليمني كسب انتخابات الشهر الماضي بفارق ضئيل.. رغم ذلك تمكن التحالف من الحفاظ على اليونان داخل منظومة اليورو. الدكتور أمين حسن عمر يمتاز دائماً بطرح رؤى جريئة.. يطلق الفكرة ولا يهمه رد الفعل.. بعض آرائه تغضب أهل البيت الوطني.. وأغلب تصريحاته لا تسعد الصف المعارض.. حاصل جمع الأصفار يساوي صفراً كان يجمل رأيه في المعارض.. حديثه الواضح عن تداول السلطة سلماً بين أهل الإنقاذ عدته أركان الحكومة استباقاً للأحداث وخوضاً وراء الخطوط الحمراء. أمس تحدث أمين حسن عمر عن خيار الانتخابات المبكرة كأحد الخيارات المطروحة لمعالجة الأزمة الاقتصادية.. مجرد أن يعترف أحد رموز الحكومة بأن هناك أزمة اقتصادية أمر يستحق الانتباه.. ثم أن يتطوع ذات الشخص بتقديم وصفة حضارية للحل بالعودة للشعب.. أمر يستحق الإشادة. إذا ما انتقلنا من أثينا إلى كوستي نجد مفارقة.. العاصمة التقليدية لبحر أبيض خرجت قبل أشهر تجمع على اختيار أحد أبنائها معتمداً على المدينة.. مدينة كوستى منطقة تمازج سكاني لا تسيطر عليها روح قبلية.. رغم ذلك توافق معظم أهلها على أحد أبنائها كخيار محدد.. والي النيل الأبيض في أول تشكيل لحكومته تجاوز إرادة الناس وفرض على المدينة معتمداً آخر.. ثم عبر بحر أبيض ليعين ذات المعتمد على مدينة ربك وحجته أنه يريد توطين النجاح في مدينة أخرى. الوالي الشمبلي في حكومته التي أعلنها أمس قام باستبعاد شخصية أخرى تجد إجماعاً من أهل مدينة كوستي.. اللواء الطيب الجزار تشهد له المدينة ببصماته الواضحة.. الوالي حول الجزار إلى وزارة أخرى عكس رغبة أهل كوستي.. لم يكتفِ الوالي بإبعاد الجزار ووصلت مديته إلى وزير الصحة عبدالله عبدالكريم الذي تخطاه الاختيار رغم شهادة كل أهل الولاية بجهده. في حلفاالجديدة تمكنت الجماهير من توصيل رؤيتها ورأيها.. أهالي حلفا طالبوا بإعادة المعتمد المستقيل عبدالجابر مرعي.. استجابت رئاسة الجمهورية لرأي الشعب وأعادت المعتمد إلى منصبه.. أهالي حلفا خرجوا عن بكرة أبيهم لاستقبال ابنهم العائد للمنصب برغبة الناس.. لم يجد المعتمد مرعي بداً من أن يستشهد بمصير الرؤساء العرب الذين كنسهم الربيع العربي. في تقديري أن فكرة اللجوء إلى انتخابات مبكرة.. يجب أن توضع في الاعتبار كأحد المخارج الآمنة لأزمتنا الحالية.. رئيس الجمهورية تحدث عن رغبته في وضع دستور إسلامي جديد.. مولانا الميرغني تحدث أيضاً عن رؤى مستقبلية لسودان جديد. إذا ما تمكن أهل السودان من التوافق على انتخابات مبكرة وفق آليات جديدة متفق عليها.. سنكون عدنا إلى الشعب دون المرور بميدان التحرير. عودة المعتمد عبدالجابر مرعي أثبتت أن أثينا ليست أكثر تحضراً من حلفا.