تراسيم.. أنعي لكم هذه الحكومة !! عبد الباقي الظافر قبل أسابيع زار رئيس الجمهورية ولاية النيل الأبيض.. من ضمن فقرات البرنامج أن يزور الرئيس مدينة كوستي.. معتمد المدينة أبوعبيدة العراقي قدم اقتراحاً عملياً.. طلب من أعيان المدينة أن يحمل كل مواطن إفطاره إلى حيث مقر إقامة الرئيس.. الفكرة البسيطة وفرت ميزانية ضخمة للمحلية وفي ذات الوقت أثبتت قدرة المعتمد على استنفار المواطنين وحشدهم بصورة تخرج عن المألوف. زرت مدينة كوستي قبل عدة أشهر.. أول ما لفت نظري اقتراب المعتمد العميد أبوعبيدة العراقي من أهل المدينة.. العراقي استفاد من مسيرته كرجل شرطة متخصص في الإعلام.. وظف التناقض في خلفيته المهنية في مشواره الجديد كسياسي واعد في مدينة تحمل تنوع أهل السودان.. المعتمد العراقي أدرك أن النجاح في المهمة الجديدة مرتبط باقترابه الشديد من المواطن العادي. حينما سرت إشاعات تؤكد أن المعتمد أبوعبيدة سيتم تعيينه في مدينة أخرى.. خرجت كوستي عن بكرة أبيها تلتمس من والي النيل الأبيض أن يترك لها معتمدها.. تحرك الشباب والشيوخ والنساء ليجمعوا التوقيعات المؤيدة لبقاء العراقي معتمداً.. أطياف من الناس تحركت واحتلت مبنى المحلية.. مناديب تحركوا سراً وجهراً في كل الاتجاهات ليثنوا الوالي من خطوة لا تفيد مدينتهم. والي النيل الأبيض حتى لا يتهم بالخضوع لمطالب الرعايا أصرّ على أن يعين أبوعبيدة العراقي في المدينة الأخرى التي لا يفصلها إلا جسر عن مدينة كوستي.. بقرار من الوالي أمسى العراقي معتمداً على محلية ربك.. معتمد كوستي الجديد سيواجه موجة من الرفض.. أهل المدينة أصدروا قراراً ضده حتى قبل تسميته.. وحال العراقي في ربك سيكون محفوفاً باتهام أنه يعشق مدينة أخرى. الاستكبار على الشعب تجلّى في أكثر من مكان.. في ولاية كسلا طالب المواطنون بإقالة وزير التخطيط العمراني.. حتى يصل صوت الشعب للوالي خرجت المظاهرات وأريقت الدماء.. عندما حانت لحظة التغيير بتشكيل حكومة جديدة أصرّ والي كسلا على الاحتفاظ بوزيره المغضوب عليه جماهيرياً. في جنوب دارفور تمتع الوالي المنتخب عبدالحميد موسى كاشا بقبول جماهيري.. ترتيبات اتفاقية الدوحة اقتضت إجراء تعديلات واسعة في فضاء دارفور.. رئاسة الجمهورية بدل أن تبقي الوالي المحبوب في ولايته القديمة رأت نقله إلى ولاية جديدة.. النتيجة كانت ثلاثة أيام من العنف كاد أن يخرج نيالا من السيادة السودانية لو لا نزول الجيش إلى شوارع المدينة. في تقديري أن والي النيل الأبيض انتصر لنفسه وخسر جزءاً من شعبه.. الشرخ الذي حدث في العلاقة بين الوالي والمواطنين في كوستي يصعب رتقه.. أهدر الوالي الشنبلي فرصة تاريخية حينما لم يستمع لنبض أهالي كوستي. المشكلة تبدو في العقلية التي تعلي الحاكم على المحكوم. التيار