بوصول أي قادم لمدينة نيالا، أول ما يستقبله على مشارف المدينة، كاميرا شيخ المصورين الحاج أحمد عبد الرحمن بيضه، صديق الإعلاميين، الذي أعتاد أن يفتح قلبه قبل بيته، ليجد فيه الزائر معاني الكرم والنخوة والشهامة وصفاء النية وقوة العلاقة. الفنان بيضه قطع مشواراً طويلاً في رفقة الكاميرا ومهنة التصوير التي أحبها وأخلص لها، ومنحها نضارة العمر وزهو الشباب، زرناه في محرابه باستديو رحاب بنيالا، وكانت منه هذه الافادات.. ٭ حول علاقته بالتصوير؟ - أولاً أشكركم وأتمنى لكم إقامة طيبة في نيالا، التصوير عندي كهواية بدأت في عام 2691م في بحر الغزال، كنت وقتها جندياً في قوات الشعب المسلحة، حيث امتلكت كاميرا صغيرة المانية «لبتل تو»، بدأت بتصوير زملائي الجنود بأخذ لقطات مختلفة من أبعاد متعددة، ومن الذين شجعوني لهذا المجال، اللواء ركن الشيخ مصطفى علي، وكان وقتها برتبة الملازم أول، فأمر بنقلي من السرية الرابعة، إلى الاستخبارات العسكرية، وأرسلني إلى جوبا لحضور كورس تصوير لمدة «3» شهور، ثم كورس آخر بالخرطوم بوزارة الثقافة والإعلام، أثناء وجودي في الخرطوم طالعت إعلاناً منشوراً بإحدى المجلات المصرية لدراسة فنون التصوير بالمراسلة في مدارس الفنون الدولية بمصر تحت رعاية الأستاذ مصطفى محرم فؤاد، فسددت الرسوم وهي مبلغ أربع جنيهات والتحقت بالكورس. رجعت بحر الغزال وبمساعدة الزميل آدم إبراهيم أبو صلعة ومنولي يني تادرس، والأخير كان يمتلك معملاً كنت أتدرب فيه، وتعاونت مع الأخ فضل تميم فرتاك الذي كان يعمل في الإعلام. يواصل المصور بيضه: عدت إلى نيالا والتحقت بحامية نيالا قسم الاستخبارات، وبدأت تصوير المناسبات بالمدينة، ثم افتتحت استديو رحاب بحي الواديبنيالا، ثم استديو أميرة بشارع الكنغو، وهذه الاستديوهات تحمل أسماء بناتي، ثم استديو رحاب جوار حامية نيالا، وهو المكان الذي ما زلت أمارس فيه المهنة. أثناء وجودي في بحر الغزال جاء الرئيس الراحل نميري في زيارة إلى هناك، معه الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم، واللواء خالد حسن عباس، صورته في لقطة نادرة، فلما تسلمها اعجب بها، وقام بتكريمي وسط زملائي بمنحي ساعة يدوية فاخرة تحمل صورته، ومبلغاً من المال، لازلت احتفظ بالساعة كرمز تذكاري من الرئيس الراحل نميري. في عام 2002م شاركت بجناح خاص في احتفالات البلاد بعيد الجيش بنيالا، شرفها المشير عمر البشير، وكان المعرض يحكي عن رحلتي الطويلة مع التصوير. يقول بيضه: من أشهر الشخصيات التي صورتها ووثقت لها عملها، الرئيس ونوابه، ووزير الدفاع وكل الدستوريين، إلى جانب نشاط كل الولاة بجنوب دارفور، والوزراء والقادة ومن أشهر اللقطات التي ما زلت احتفظ بها للفريق الطيب عبد الرحمن مختار، والشيخ إبراهيم صالح الحسيني، شيخ مشائخ الإسلام بالطريقة التيجانية الذي كرمني بارسالي لأداء عمرة رمضان، وكذلك الأمير صلاح الدين محمد الفضل رحال وغيرهم. المصور يجب أن يكون رشيقاً سريع الحركة، يتمتع بحاسة قوية وموهبة متقدة.. حرصاً مني على مواصلة المشوار الذي بدأ قبل أكثر من خمسين عاماً، وحتى لا تنقطع الرسالة ورثت المهنة لأبنائي أشرف وصديق ومحمد، وهذه المهنة خلقت لي علاقات وطيدة مع كثير من الرموز خاصة الإعلاميين أمثال د. تيتاوي- وأحمد حنقه، ومدير تحرير آخر لحظة عبد العظيم صالح- الذي تعرفت عليه في الأراضي المقدسة- وأحمد محمد علي حسين، وعبد الله الربيع- وعوض احمدان- وعبد العزيز الصادق- ومحمد أحمد عبد القادر.. وختاماً الشكر لكم ول«آخر لحظة».