دنا الرحيل وشارف الشهر على الانتهاء , ما أصعب تلك اللحظات التي يشعر فيها المرء بقرب رحيل من أحب , بل من كان بابا للخير عليه وسببا ? إن أحسن استغلاله - في دخوله الجنة والعتق من النار , قرب الرحيل وإذ بالقلوب تنفطر حزنا على ضياع أي فرصة لم تستغلها لتقربنا من الجنة وتباعدنا عن النار , فمازالت الجوارح بعد تستعد لتنقية النفوس من المعاصي والآثام التي صبغتها بالران . ولكن مازالت الفرصة سانحة لنيل النفحات في العشر الأهم من رمضان التي يمنحها الله عز وجل للعبد المؤمن المحب لربه والذي يخشى عقابه من تتابع الذنب تلو الذنب . فمازالت الدعوة متاحة للجميع فعلينا أن نسعى جاهدين في تلك الأيام إلى الوصول لدرجة الإيمان العالية , ولنستعين في ذلك بعد الله بالصحبة الصالحة التي تشد من أزرنا وتزيد من همتنا وتسمو بأخلاقنا وتصل بقلبنا إلى التمتع بلذة العبادة , وياله من شعور لا يضاهيه أي شعور آخر من ملذات الدنيا . إنه شعور ممزوج براحة النّفس، مع سعادة القلب وانشراح الصدر وشدة الارتياح أثناء العبادة , والتمنى بأن يقبض الله روح العبد الخاضع المتذلل له وحده وهو على هذه الحالة الإيمانية الرائعة التي لا يشعر بها باستمرار , ويسعى جاهدا لنيلها دائما. فتكرار ? هذه الحالة - والشعور بها يتفاوت من شخص لآخر , بل في الشخص نفسه من حالة إلى حالة نظرا لقوة الإيمان وضعفه نصارع الذنوب في الحياة الدنيا كما يصارع الغريق الأمواج الهالكة التي تودي بحياته , فالذنوب في القلب تضعفه وتهلكه , فلا يزال عليلا مضطربا إلى أن يجد ضالته المنشودة التي تنقذه من عثرته , وتخرجه من ظلمة المعاصي إلى نور الطاعة وحياة القلوب العامرة بذكر الله , قال تعالى : « أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها « وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : هلك من لم يكن له قلب يعرف به المعروف والمنكر . سلوى المغربي