حزب اتحاد قوى الأمة «أقم» الوليد حزب شبابي بخلفية سلفية جهادية، كانت تناصر بن لادن وترى فيه الكرامة الإسلامية العربية في ظل صمت الأنظمة العربية تجاه ما تقوم به اسرائيل وأمريكا تجاه الإسلام، إلا أن الأمين العام لحزب «أقم» أكد أنهم عدلوا مسارهم لأسباب تحدث عنها بالتفصيل في هذا الحوار.. وقال: إنهم ضد قيام تحالف الإسلاميين ورفضه للدستور الإسلامي، كان سبباً في ميلاد هذا الحزب، تحدث بشفافية كاملة عن كل خفايا الإسلاميين بحسب خلفيته القريبة منهم مؤكداً أنهم والترابي يتفقون في رفضهم للدستور في هذا الحوار دار نقاشاً ساخناً حول قضايا الإسلاميين في السودان واستهداف أمريكا، ففجر مفاجأة من العيار الثقيل، بينما قال إن أمريكا لا تستهدف الإسلام ومفاجآت أخرى فالى الحوار.. يقال إنك من مناصري تنظيم بن لادن هل لحزبك الوليد علاقة بالقاعدة الآن؟ - لا أنا عندما كنت طالباً كنت من المناصرين لأسامة بن لادن باعتبار أن هناك عدواناً على الأمة الإسلامية حقيقي وواضح، لم تتصدَ له الأنظمة العربية في ذلك الوقت، ووقفت عاجزة أمام رد العدوان، ولذلك كنا في السلفية الجهادية نناصر بن لادن لأنه بدأ يعبر عن رفض العدوان على الأمة الإسلامية، ولكننا تراجعنا بعد أن أدركنا أن الفكرة مرحلية لبن لادن، لا تصلح لقيام دولة، والفكرة فقط تقوم على صد المعتدين أضف الى ذلك أنها تعاني بعض المشاكل في تعاملها مع الآخر، فمثلاً في الصومال تقوم على جلد الذين يضعون القات، وقطع أصابع الذين يدخنون في العراق، فكرة الحدود عندهم لا تتجاوز الحدود.. لكن قضايا حقوق الإنسان والمرأة والحريات، ورغم أن فكرة بن لادن بها عجز إلا أنها تنظيم تفرض الضرورة قيامه في ظل عجز العرب عن رد العدوان.. وأسهل للغرب أن يستغل ذلك، ولكننا ننادي بدولة مدنية تقوم على الحريات وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة والشفافية. تدعون الى دولة مدنية والدستور الحالي للسودان مدني، ولا يوجب تولي الرئاسة لمسلم، بل لا يوجب تطبيق قوانين الشريعة باي ولاية ما الجديد لديكم؟ - أولاً نود تصحيح مفهوم الدولة المدنية وأنها ليست مقابل الدولة الإسلامية، لأن الليبراليين يحاولون أن يؤكدوا أن الدولة المدنية مقابل الإسلامية أو جعل المدنية «رديف» للعلمانية، ولكن نحن نقول إن الدولة الدينية مرفوضة والعلمانية كذلك، وأن الدولة المدنية هي دولة المؤسسات والشفافية، ونرى أن المدنية لا يمكن اطلاقها على الدولة إلا إذا طبقت فيها الشريعة الإسلامية.. أما نحن فلدينا رأي في مصطلح تطبيق «الشريعة الإسلامية» لأنه مصطلح حادث، وابوبكر الصديق رضي الله عنه لم يقل تطبيق الشريعة ولكنه قال إقامة الدين، لأن الله تعالى صمم الدين لأجل حياتنا، ولكن عندما نطلق لفظ شريعة تُفهم على أنها الحدود، ولكننا ننظر للدولة الإسلامية بأنها يجب أن تبدأ بالتربية والإسلام قدم العبادة والتربية على الحدود والشاهد أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أحد الولاة ماذا تفعل إن جاءك سارق فقال له: «لاقطعن يده» فقال له عمر «لاقطعن يدك» لذلك لا نود استخدام كلمة شريعة، بل ندعو لاستخدام مصطلحات شرعية معروفة لدى السلف، ومصطلح تطبيق الشريعة أتى بعد «سايسبيكو» بعض الدول الغربية الغت المحاكم الإسلامية واستبدلتها بالجنائية، فقام تيار احتجاجي لذلك يرفع شعار تطبيق الشريعة، فارتبطت لدى اذهان الكثيرين بالحدود والعقوبات، لذلك فنحن في حزب اتحاد قوى الأمة «أقم» نسعى لتغيير هذا المفهوم وتطبيق الإسلام وخاصة الحريات، لأن الله سبحانه وتعالى لم يجعل من عقوباته السجن، فالإسلام يقدس الحرية ويكفلها للمسلم في التفكير والحركة والمعتقدات، نحن نريد أن نحكم السودان بمكوناته المختلفة، ولذلك الواقع يتطلب قيام دولة إسلامية تقبل الآخر إذا كان الله تعالى لم يكره «الناس». كنتم مناصرين لبن لادن ما هي طريقة الاتصال بينكم؟ - لم يكن لنا اتصال بالقاعدة إطلاقاً لكن مناصرين للفكرة بصورة عامة، ونرى أن هذا التنظيم عبَّر عن تطلعات الأمة العربية في رد العدوان في صمت الأنظمة العربية. هذه الدرجة العالية من الإيمان بأفكار بن لادن كيف تم التراجع عنها فيما بعد؟ - التراجع تم بعمل تراكمي وبعد الرجوع للمراجع التاريخية في التيارات، فوجدنا فكرهم قائماً على الاعتقال والحرية تأتي في المرتبة الثانية، أيضاً وجدنا أن أحد مبادئهم هي أن تصبر على السلطان وإن أخذ مالك وإن جلد ظهرك، وهذا منافي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال «من كنت قد جلدت له ظهراً هذا ظهري فليقتص مني، ومن كنت قد أخذت منه مالاً فهذا مالي» والشاهد من صدر الإسلام إن الرسول عندما أراد أن يساوي بين العبد والحر أنزل ذلك الى أرض الواقع، فقام بتعيين زيد بن حارثة قائداً لجيش مؤتة، وزوجه زينب بنت جحش وهي ابنة عمه، وبذلك عالج الرسول الكريم الموقف على الجانبين الاجتماعي والسياسي.. ومن هنا أتى قوله «من أخذ مالك» الذي يتمسك به السلفيون اليوم، وذلك كان في ظل تمرد على الموالي، لذلك نحن الآن نعمل على تحرير وجدان الناس من ذلك حتى يعلموا أن لهم الحق في مقاضاة الرئيس ومحاسبته. الحديث الحالي عن وحدة الإسلاميين قُصد به إعادة توحيد حزب الجبهة الإسلامية السابق، فما هي رؤيتكم أنتم تجاه قضية وحدة الإسلاميين؟ - طبعاً لا يوجد شك في أن انشقاق الحركة الإسلامية أثر على المواطن في الشارع وحياته، لكن الحركة الإسلامية عندما كانت قائمة في ظل التوحد لم تقدم شيئاً.. إذن فالأزمة ليست الانشقاق بل هي أخذ السلطة «بالليل»، وأن يستولى النظام الحالي على السلطة بالقوة، ومن برروا لذلك برروه خوفاً واستدلالهم بأن الأمة تلقت السلطة «المتقلب بسيفه» هذا غير صحيح.. الأمة ذُبحت وجيش من الصحابة استشهد في القتال ضد الحجاج، وأصبح شعار والآن «البجي بالسيف بنجيبوا والبجي بالمال بنجيبوا» وهذان الخياران أصبحا أساساً فكرياً وعملياً لبعض الجماعات حتى تنقلب على خيارات الأمة وتأخذ السلطة عنوة، والتجربة الآن أثبتت أن هذا العمل خط شرعي غير جائز، ولذلك كان على الجانب الآخر لتصفية خصومه حتى يتمكن فأتى بمشروع تفتيت الأحزاب وتفكيكها، وهذا الأمر ضرب النسيج الاجتماعي في السودان.. نحن الآن لا نقول إننا إسلاميين، بل نقول نحن مسلمين لأن لفظ إسلامي يدل على الاستعلاء بدعوى إقامة الدين، وهذه النخبة التي تطلق على نفسها لفظة «إسلامية» هذه تدعي إنها ستذهب للجنة والبقية الأخرى مصيرها غير محدد جنة أو نار ولهذا فإن مصطلح إسلامي نفسه مشكلة.. أما العلمانية هذه فهي غير موجودة، وهم الآن لم يقولوا «نحن ما دايرين دين» بل هم يرفضون تطبيق الدين عند الحركة الإسلامية، ويرون أن الذي تفعله الحكومة غير إسلامي وهذه النقطة متفق عليها الشيوعي والليبرالي وغيرهم.. لذلك أي تحالف للإسلاميين سيكرس للاستبداد وغير نزيه وشريف، ولذلك نحن ندعو الى أن تتحالف كل القوى السياسية وندع الشعب يحدد بعد ذلك من يريد، ودعهم يقيمون من هو الشيوعي ومن هو الإسلامي، وأنا على ثقة بأن الشيوعيين عبر التاريخ لم يجدوا مساحة لهذا الشعب السوداني «معقدا ومعقدين».. ولكن أكثر مرة وجدوا فيها مساحة كانت عبر نيفاشا وعن طريق صناديق الاقتراع أو الانتخابات ليس لديهم اية فرصة وليس بمقدورهم التحرك وسط الشعب، لأنه مسلم بالفطرة، فإن كان الشيوعيون يريدون خدمة شعبهم عليهم بتعديل أفكارهم.. أما إن أرادوا أن يسبحوا عكس التيار فلن يصلوا الى شيء ولن يجدوا فرصة، لذلك نخشى تحالف الإسلاميين مع النظام لأنه لن يعطي فرصة للحريات ولحراسة الإنسان وحقوقه، لأن أفكارهم تناهض حقوق الإنسان لذلك نحن ضد التحالف الإسلامي. الدستور الإسلامي ما بين مؤيد ورافض ما هو موقفكم منه؟ - بسبب تصدينا لقضية الدستور الإسلامي فصلت من «الانتباهة» وكان هذا سبباً في تسجيل هذا الحزب. كيف تصديت للدستور الإسلامي حتى تم فصلكم من الانتباهة؟ - كتبت مقالاً صحفياً بالانتباهة وتناقشت مع لجنة الدستور ففصلني الطيب مصطفى من صحيفته. لكن كيف يكون فصلك من الانتباهة سبباً في تسجيل حزبك؟ - عندما فصلت خرج مجلس الأحزاب بقرار ضدنا وقتها تيقنت بأن هناك عملاً كبيراً وضخماً ضدنا يستهدف إبعادنا عن الساحة. من هم الذين يسعون لإبعادكم عن الساحة؟ - لا أحب أن أسمي أشخاصاً، لكن الضغوط على مجلس الأحزاب كانت على مستوى كبير، لكننا تغلبنا عليها وأصبح حزبنا شرعياً ومعترفاً به من قبل الأجهزة الأمنية. لكن ما هو منطقكم في رفض الدستور الإسلامي؟ - أنا لم أرفض الدستور الإسلامي لكنني طرحت سؤالاً ما هو الدستور الإسلامي؟ ماذا يعني؟ فنحن مسلمون ما قيمة التسمية- «دستور»- ما دمنا مسلمين وما نحتاجه هو وثيقة لتسيير الحياة بقوانين الإسلام دون أن نكتب في الدستور أن الشعب السوداني شعب مسلم، وقلت لهم أكتبوا في دستوركم أن الشعب السوداني يصلي ويصوم، فقالوا لي لماذا نكتب ذلك، فقلت لهم لأن الله قدم العبادة على الحكم بالشريعة، ونحن لا نحتاج لدستور إسلامي وما نحتاجه هو توحد القوى السياسية بالبلاد التي أصبحت في كف عفريت الآن. ماذا تقصد بقولك أصبحت في كف عفريت؟ - الجنوب انفصل، والوسط محتقن، والناس لا تجد «ما تأكله»، وشعبنا يعاني معاناة شديدة، والإسلاميين «ما جايبين ليها خبر»، ويتحدثون عن دستور في ظل وجود مخاطر ومشاكل حقيقية، الآن الصومال نفسها لا تعاني ما يعانيه السودان من مشاكل في «الأكل والشرب»، وهؤلاء يركزون على الشريعة لأجل السلطة فمنذ 1989 نحن نتحدث عن مشروع حضاري ما الذي جنيناه حتى الآن. السودان رغم انفصال الجنوب فإن 97% منه مسلمون فلماذا الخوف من تطبيق الشريعة برأيك؟ - التخوف فقط في أذهان الإسلاميين، وقد جلست مع البعثيين وأشاد الشفيع بحديثي للصحافة، وتعلمون من هو الشفيع خضر، لا يوجد أحد يتخوف من تطبيق الشريعة لكن الخوف من الاعتقالات التي تمتد الى سنين طوال، وكبت الحريات، ومصادرة أموال الناس، والتغول على حقوق الإنسان ليس هناك من يرفض شريعة الله سبحانه وتعالى، وليس لدينا مشكلة مع الشريعة، ولكن مع الذين يدعون الشريعة لأن الشريعة رحمة، وهذا الشقاء الذي نعانيه يدل على أننا لا نطبق شريعة الله، وكل ما نقوم به الآن من زواج وطلاق وغيرها في إطار الشريعة، ليس هناك حرب مصطنعة في أذهانهم، والدليل أن السعودية تقيم الحدود وعلاقتها بأمريكا طبيعية، وهناك ملفات أخرى تضع هذه الحرب سبب المشاكل مع أمريكا.