كان من المفترض أن يكون هو مادة هذه الزاوية لعدد الأمس الذي لم ير النور لأسباب خارجة عن الإرادة.. وأعيده كاملاً غير منقوص إلا من بعض (التعديلات) التي ألحقتها بالفقرة الأخيرة التي كنتُ قد كتبت فيها بصيغة (المضارع) و (المستقبل) على إفتراض أن نشر المقال يتزامن مع تشييع رئيس وزراء أثيوبيا الراحل ميليس زيناوي.. ولكن كما قال الأولون، وكما يقول الآخرون: تقدرون وتضحك الأقدار. انتويت الكتابة عن غياب رئيس وزراء أثيوبيا الراحل «ميليس زيناوي» عن ساحات العمل السياسي، وأثر ذلك على المشهد في أثيوبيا والسودان والإقليم والقارة والعالم، وقد (قامت) تلك (النية) على (توقع) بأن يشارك عدد كبير من قادة الدول في تشييعه الذي ستتم مراسمه اليوم في العاصمة الأثيوبية «أديس أبابا» التي لفّها الحزن وتوشحت بالسواد منذ أن عرفت والعالم بالخبر، وليس أقوى من (خبر) الموت وأهل الصحافة والإعلام يعرفون (معنى الخبر) المتصل بموت شخص، ويعرفون أكثر كيف يكون المعنى إذا ما اتصل بشخص مشهور.. وكيف يكون إذا ما اتصل بشخصية زعيم أو قائد له أثره على محيطه المحلي والخارجي. تسلّطت عليّ الفكرة، وأخذتُ أعتمد على المنطق في بناء النص خاصة وأننا في «آخر لحظة» كنا قد فرغنا من ندوة عن أثر غياب «زيناوي» على الساحة الأفريقية والعالمية نظمناها شراكة مع مجلس الشباب العربي الأفريقي، وانطلقت من داخل قاعة الشارقة في جامعة الخرطوم، وأمها جمهور نوعي كبير.. وإضافة لأمر الندوة التي قال السيد السفير عبد المحمود عبد الحليم الخبير في العلاقات الدولية إنها ندوة تجعل من «آخر لحظة» صحيفة في مصاف الصحف العالمية التي تهتم بالحدث وما وراءه، من خلال الرصد والتحليل، مثلها مثل «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز» و«الاندبنت» وغيرها.. نقول إنه إضافة لذلك شهدت «الساحة الخضراء» في الخرطوم عزاء استثنائياً شارك فيه الآلاف من أبناء الشعبين الشقيقين، السوداني والأثيوبي تعبيراً عن مرارة الفقد والصدمة، لذلك كانت (النية) مبررة ومعقولة. الموت حق، وغياب الراحل ميليس زيناوي ربما يكون قد شكل صدمة وقتية للذين ارتبطت سياساته بهم في داخل وخارج أثيوبيا، وشكل عنصراً مهماً في أجندة تعاملهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني، مثلما هو الحال مع السودان ومع دولة جنوب السودان وغيرهما، لكن أمر السودان هو الذي يهمنا.. مع ذلك وبعد أن تتجاوز القيادات والشعوب الصدمة لابد من بروز قيادة جديدة قوية واعية بأهمية الأسس التي بنى عليها «زيناوي» سياساته الداخلية والخارجية، ولن يكون هناك شك في وعي القيادة الأثيوبية الجديدة لأن دماءها تتجدد باستمرار.. وإن تجددت الدماء فإن الأفكار تتجدد بالضرورة ويصح كل النظام. توقعت مفاجآت عدة تقود إلى تحولات سياسية كبرى في المنطقة خلال تشيع الراحل «ميليس زيناوي» مفاجآت من (العيار الثقيل) كما يقول أهل الصحافة، مثل مشاركة زعماء كبار من كل أنحاء العالم في التشييع، وتوقعت- شخصياً- مشاركة الرئيس الأمريكي- الأفريقي الأصل- «باراك أوباما» في أحد أهم أيام أثيوبيا (التاريخية) وذهبت إلى أبعد من ذلك بأن (لقاء) عابراً سيتم بينه وبين عدد من القادة الأفارقة (ترتب) له (يد) القدر أو (الصدفة) أو (البروتوكولات)، ولم أستبعد أن (يشاهد) العالم لقاء وتحايا، و (مصافحة تاريخية) بين الرئيسين السوداني «عمر البشير» والأمريكي «باراك أوباما».. لكن الأمريكيين (خيبوا) ظني بابتعاث مندوبتهم الدائمة في الأممالمتحدة «سوزان رايس» ممثلة للحكومة الأمريكية في تشييع «زيناوي».