ونحن في بدايات شهر رمضان المُعظّم هذا العام، لابد لنا من أن نشيد بالأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وقصر من خلاله الفتوى وحصرها على أعضاء هيئة كبار العلماء والتي تعتبر أعلى سلطة دينية في السعودية. نود أن نشير إلى فوضى الفتوى التي أخذت من بعض الفضائيات منصات لانطلاقها، ثم ظهور كثير من أصحاب الرأي والمجتهدين في المجتمعات المحلية يفتون بعلم وبدون علم، وفي الأمر الملكي الخاص بقصر الفتوى في المملكة العربية السعودية على هيئة كبار العلماء فوائد عديدة، أبرزها منع فوضى الفتوى، إذ إن كثيراً من أصحاب اللحى الطويلة وقفوا في صف أهل الفتوى ورأى بعضهم احتكارها مع تكفير من لا يفتي بما أفتوا. وهناك فوائد أخرى من أهمها حفظ منزلة أهل العلم، وحفظ مكانة المؤسسات الشرعية ورفض تجاوزها مهما كانت الأسباب تعظيماً للمسؤولية وتقديراً لحمل الأمانة وإبراءً للذمة، لأن أمر الفتوى لا يصلح إلا أن يقوم به أهل العلم الذين هم أعرف بالله وأخوف في تجنّب المزالق، وهم أهل الخشية.. وقد قال الله سبحانه وتعالى عنهم: «إنّما يخشى الله من عباده العلماء» صدق الله العظيم. وهناك فائدة أخرى نرى أنّها أكبر وأعم، وهي انتقال مثل هذه الروح إلى بقية أقطار العالم الإسلامي بحسبان أن المملكة العربية السعودية هي قبلتهم ونموذجهم في الوسطية والاعتدال، إضافة إلى أن صدور مثل هذا الأمر الملكي من خادم الحرمين الشريفين مباشرة فيه تأكيد على الإحساس العظيم والمتعاظم بالمسؤولية الشرعية تجاه شعبه وفيه تأكيد على أن رأس الدولة دائماً هو إمامها. نحن لا ننسى الفوضى والعبث الذي أوشك أن يذهب بهيبة الدين ورجاله، مثل فتوى إرضاع الكبير وغيرها من المُضحكات المُبكيات التي تسيء للإسلام والمسلمين وتحرجهم أمام غيرهم وتشتت العامة وتصرفهم عن أمر العبادة بالالتفات إلى القضايا التي تضر ولا تنفع. ولابد أن تقتصر الفتوى في بلاد المسلمين على مؤسسات أو هيئات شرعية بعينها يكون ما يصدر منها معتمداً وسارياً مثل دور الإفتاء المنتشرة في أرجاء عالمنا الإسلامي لأنها تضم العلماء وأهل العلم بعد أن ازداد عدد المتحدثين في الأحكام الشرعية العامة كل من وجهة نظره الشخصية أو معتقده الخاص رغم أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نسأل أهل الذكر والعلماء عندما قال عزّ وجلّ: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» صدق الله العظيم. التحية المباركة في هذا الشهر المبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولكل علماء الأمة الإسلامية وشعوبها، ونسأل الله أن يتقبّل منّا ومنهم صالح الأعمال وأن يجزي كل فاعل خير أو دالٍ لفعله الثواب الأعظم في هذا الشهر العظيم.. آمين.