كامل إدريس يوجه بعودة الجامعات إلى الخرطوم    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالفيديو.. بلقطات رومانسية أمام أنظار المعازيم.. عريس سوداني يخطف الأضواء بتفاعله في الرقص أمام عروسه وساخرون: (نحنا السودانيين الحركات دي أصلو ما جاية فينا)    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    رئيس الوزراء يطلع على الوضع الصحي بالبلاد والموقف من وباء الكوليرا    الجيش الكويتي: الصواريخ الباليستية العابرة فوق البلاد في نطاقات جوية مرتفعة جداً ولا تشكل أي تهديد    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    المريخ فِي نَواكْشوط (يَبْقَى لحِينَ السَّدَاد)    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    المريخ يكرم القائم بالأعمال و شخصيات ومؤسسات موريتانية تقديرًا لحسن الضيافة    برمجة دوري ربك بعد الفصل في الشكاوي    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    مجلس إدارة جديد لنادي الرابطة كوستي    خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    ترامب يبلغ نتنياهو باحتمال انضمام أمريكا إلى العملية العسكرية ضد إيران    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    تنفيذ حكم إعدام في السعودية يثير جدلاً واسعًا    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجلس الأمن لا يستطيع أن يفرض حلاً ..
نشر في آخر لحظة يوم 12 - 09 - 2012

قرأت في إحدى الصحف تصريحاً منسوباً للمتحدث باسم وزارة الخارجية يفيد بأن مجلس الأمن سيفرض حلولاً إذا إنتهت الجولة الحالية من المفاوضات دون تحقيق اتفاق بين الأطراف المتفاوضة.
والواقع أن هذا التصريح- إذا صحت نسبته إلى وزارة الخارجية- لا سند له من ميثاق الأمم المتحدة، ولا السلطات المخولة لمجلس الأمن بالميثاق تؤدي إليه، وذلك لعدة أسباب:-
/1 أول هذه الأسباب عائدة إلى المادة 24 من الميثاق التي مكنت مجلس الأمن من القيام بالتبعات المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدوليين، وتتضمن تفويضاً من الدول الأعضاء في هذه المنظمة لهذا المجلس، ليقوم بهذه المهمة نيابة عنها، ولكنها اشترطت- أي المادة 24 (2).. أن يعمل مجلس الأمن في أداء مهامه وفقاً لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
وقد جاء في الفقرة الأولى من المادة (2) من الميثاق أن هيئة الأمم المتحدة تقوم «على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها».
كما نصت الفقرة الرابعة من هذه المادة الثانية من الميثاق على أن «يمتنع أعضاء الأمم المتحدة في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة».
فإذا كانت الدول ممنوعة من التهديد باستعمال القوة أو استخدامها فعلاً ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأي دولة فكيف يستساغ أن يقوم المجلس بنفسه بفرض تسوية تؤدي في نهاية المطاف إلى المس بأراضي دولة واستقلالها السياسي المرتبط وثيقاً بالجغرافية السياسية -أي حدود- الدولة؟.
/2 إن فرض حلول من شأنها تغيير الواقع الجغرافي لدولة من الدول من شأنه المساس المباشر بسيادتها وهو إخلال صريح بنص المادة 1/2 من الميثاق التي سبق ذكرها، ويصبح ذلك بالضرورة إخلال بشرط المادة 2/24 من الميثاق أن تكون قرارات المجلس منسجمة مع مبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها.
/3 فيما يتعلق بالمفاوضات مع قطاع الشمال التي جاءت بالقرار 2046 فهي بدورها خروج على مبادئ الميثاق التي نصت في الفقرة7/2 على أنه «ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، كما ليس فيه ما يلزم الأعضاء على عرض مثل هذه المسائل، لأن تحل وفق هذا الميثاق.
أما الإستثناء الوارد في هذه الفقرة والقائل على أن هذا المبدأ «لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع» فهو خاص بالحالات التي تؤوي فيها إحدى الدول جماعات متمردة على دولتها الأم، بحيث تقوم باستخدام أراضي الدولة المؤوية لشن هجمات على أراضي الدولة الأم، نظراً لأن هذا العمل يشكل صورة من صور العدوان التي نص عليها قرار الجمعية العامة لتعريف العدوان، وهو القرار رقم 3314 لعام-1974 - في مثل هذه الحالة يجوز لمجلس الأمن أن يتخذ من تدابير القمع المنصوص عليها في الفصل السابع ما يمكنه من ردع الدولة المؤوية، وطرد الجماعات المسلحة من أراضيها.
/4 الذي يستطيع مجلس الأمن فرضه هو الإجراءات وطرق التسوية وفقاً لنص المادة 1/36 من الميثاق، وحتى هذه الأخيرة فقد حدَّ الميثاق من سلطة مجلس الأمن فيها بالنص في المادة 3/36 من الميثاق على وجوب أن يطلب مجلس الأمن من أطراف النزاع إحالة منازعاتهم القانونية- «مثل الخلاف حول الحدود مثلاً»- إلى محكمة العدل الدولية، ولاحظ أيها القارئ العزيز أن الميثاق يعطي الأفضلية للقضاء الدولي وليس التحكيم الدولي، وهما ليس شيئاً واحداً على الرغم من وجودهما معاً في لاهاي.
وطرق التسوية حددها الميثاق في المادة (33) في ست (6) وسائل هي:
أ/ التفاوض
ب/ التحقيق
ج/ الوساطة
د/ التوفيق
ه/ التحكيم
و/ التسوية القضائية
ويمكن الجمع بين أكثر من طريق من طرق التسوية، إلا أن التسوية القضائية قد نالت- كما شاهدنا في المادة3/36 وضعاً مميزاً من بين طرق التسوية الأخرى، نظراً لحيادية القائمين عليها كما أنها تقوم على تراضي الأطراف وأهم خصائصها أنها كاشفة وليست منشئة.
أي أن قرار التسوية القضائية لا يغير في المراكز القانونية لأطراف النزاع بالزيادة أو النقصان، ولكنه يزيل الغطاء عما ينبغي أن يكون عليه الحال من واقع المستندات وشهادة الشهود، أو كليهما معاً، ولكنه لا ينشئ حقاً لطرف أو ينزع حقاً من آخر.
تبقت الإجراءات التي يستطيع مجلس الأمن فرضها وفقاً لنص المادة 1/36 وتنحصر في حث الأطراف على التوصل إلى حلول وفق جدول زمني معين، وبسحب القوات إلى حدود كل دولة، إذا حدث تواجد لقوات كل بلد لدى الآخر، ووقف إطلاق النار وتعيين مراقبين إلى ما يجوز له من إجراءات تضمن عدم احتكاك الطرفين أحدهما بالآخر. وخلاصة ما نود التنبيه عليه أنه مهما طال أمد المفاوضات لا يستطيع مجلس الأمن أن يفرض على السودان مثلاً التخلي عن كافياً كنجي للجنوب أو رسم حدوده بناقص عدة كيلومترات من حدوده الحالية، على سبيل المثال.
هذا النوع من الحلول لا يملك مجلس الأمن أي سلطة لفرضه على الطرفين عموماً والسودان خصوصاً.
وأخيراً الذي أعرفه أن هناك حالة واحدة يمكن لمجلس الأمن أن يصدر فيها توصيات محددة لحل النزاع سلمياً، هي حالة ما «إذا طلب اليه جميع المتنازعين ذلك» كما هو منطوق المادة (38) من الميثاق.
أي أن مجلس الأمن لا يفرض حلولاً ولكنه يقدم توصيات بناء على رغبة المتنازعين، أي برضاهم بل وبطلب منهم، فهل يمكن القول إن السودان قد تقدم بطلب لمجلس الأمن بالتضامن مع حكومة الجنوب ليقدم لهما توصياته في كيفية حل النزاع بينهما، بأن تكون كافياً كنجي للجنوب وحفرة النحاس للسودان مثلاً؟.
هذا التصور لم يحدث، على الأقل حسب ما انتهى اليه علمنا حتى الآن.
إن قراءتي للميثاق وسلطات وصلاحيات مجلس الأمن تجعلني أقرر بكل إطمئنان أنه مهما طال أمد المفاوضات والنزاع بين السودان والسودان الجنوبي، لا يمكن لمجلس الأمن أن يفرض حلاً دون رضاء أطراف النزاع. حتى العقوبات المنصوص عليها في المادة 41 من الميثاق مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بتهديد السلم والإخلال به،.. ووقوع العدوان كما هو عنوان الفصل السابع من الميثاق: فأين هو التهديد القائم اليوم للسلم والأمن الدوليين من جانب السودان على الأقل، فهو لا يحتل أرضاً لجنوب السودان ولا يهدده باستخدام القوة المسلحة، ولم يبادر لعمل يشكل صورة من صور العدوان المنصوص عليها في قرار الجمعية العامة رقم 3314لسنة 1974م.
لو أن هناك إنصافاً لوجب على مجلس الأمن أن يطبق المادتين 41 و 42 من الميثاق على دولة السودان الجنوبي، التي تصر على بقاء الفرقتين 9 و 10 التابعتين للجيش الشعبي بالسودان، وتستمر في مساندة ودعم أعمال العدوان داخل حدود السودان.. وما تقوم به هاتان الفرقتان يشكل في حد ذاته صورة من صور العدوان المنصوص عليها في القرار 3314 لسنة 1974م.
يجب على السودان أن يدفع بمذكرة لمجلس الأمن يسأله لماذا لم تنصوا في القرار 2046 على أن السودان الجنوبي قد قام بعمل من أعمال العدوان، وهو يحتل هجليج، ويعترف بذلك علناً، بل ويستعين في ذلك بمليشيات سلحها ودربها للقيام بعمل آخر من أعمال العدوان، وما هو الفرق بين ماقام به العراق من غزو واحتلال للكويت، وما قامت به دولة السودان الجنوبي من غزو واحتلال لهجليج؟.يجب على وفود التفاوض السودانية ألا توقع نفسها في فخ الاستعجال لتفادي العقوبات والحلول المفروضة، وأسوأ من الحلول المفروضة- إن وجدت- وهي ليست كذلك، أن تقدم على إعطاء تنازلات تحت نير هذه الضغوط لتكتشف لاحقاً أنك وحدك المسؤول عنها، وحتى مجلس الأمن نفسه سيصيح قائلاً: لم أفرض عليهم شيئاً، وحدهم تنازلوا!!.
ا لمحامي استاذ القانون الدولي المشارك«سابقا »


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.