هناك قناعة عند الكثيرين منا بأننا نأكل ونشرب «مواداً» هي أقرب «للفساد» من «الصلاح».. الرغيف عندنا لا زالت تطارده أشباح «برومات البوتاسيوم».. شكل الرغيف ونوعه وطعمه يوحي بذلك.. الخضروات تحوم حولها شبهة «الكيماوي» و«الموية» التي نشربها ليست نظيفة.. ومع ذلك نأكل ونشرب ونتوكل على الله فماذا نفعل؟! هذه القناعة زادت «قتامة» هذه الأيام.. قبل أيام نشرنا خبر إغلاق مسلخ سوبا ومعه أكثر من مائة محل لبيع اللحوم بمحليتي الخرطوم وجبل أولياء.. وراجت في الأيام الماضية قصة «لحم» الكلاب وفي ذلك الوقت الجمعية السودانية لحماية المستهلك مشغولة بتشديد الرقابة على وكالات السفر وشركات الطيران للحفاظ على حقوق المسافرين.. «شوفوا» الفياقة وقلة الشغلة.. كم عدد المسافرين للقاهرة وجدة وسنغافورة وأنقرة وباريس وكوالامبور مقارنة بمستهلكي الرغيف «والموية» و«الكمونية» و«أم فتفت» في أحياء الخرطوم.. ناهيك عن بقية أنحاء وولايات السودان المختلفة؟.. هل هذه جمعية لحماية المستهلك السوداني أم «الخليجي»؟.. حجم الأمراض و«الإعياء» و«الهزال» والشكوى اليومية للشعب السوداني يكشف عن خطر كبير يهدد أمن وسلامة المواطنين وهو أخطر من الحروب الأهلية ومؤامرات أعداء الأمة!! «أعداء الأمة» هم الذين يتاجرون بالبضاعة «الحرام» ويأكلون المال الحرام ويبيعون للناس الأبرياء طعاماً أو شراباً فاسداً. القصة كبيرة ومخيفة وخطرة جداً وهل هناك خطورة أكثر من الاتهام الذي قالته منال فاروق ممثل شعبة الأدوية في اتحاد أصحاب العمل وهي تقول إن هناك غشاً تجارياً وتزويراً في مجال الأدوية.. وتوجد أدوية غير مطابقة للمواصفات بالولايات.. غير مطابقة يعني أن هذه الأدوية مغشوشة وفاسدة وتسبب مرضاً «جديداً» بدلاً أن تعمل على إزالة المرض الذي من أجله تم شراء الأدوية! اتحاد أصحاب العمل لم يكتفِ بذلك.. بل إنهم أرسلوا رسالة واضحة للبرلمان بوجود صراع خفي بين أجهزة الرقابة على السلع.. وأجهزة الرقابة هذه تتبع للحكومة.. أي أن هناك صراع مصالح و«تجار» «مضماره » صحة وسلامة المواطن المسكين الذي أسلمهم أمره!! الأسواق ممتلئة بالسلع المخالفة للمواصفات وشكوى الناس مستمرة والشكوى لغير الله «مذلة».. وطفح الكيل ونفد الصبر عن وجود أي بادرة لإصلاح الحال. القضية أخلاقية قبل أن تكون أي شيء آخر.. أعتقد ذلك.