تمثل اتفاقية أديس أبابا للتعاون المشترك التي وقعها الرئيسان المشير عمر البشير وسلفاكير ميارديت أمس الأول نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات بين البلدين التي شهدت توتراً منذ انفصال الجنوب في العام الماضي عن السودان.. لأنها تؤسس لعلاقات جيدة في كافة المستويات.. تجاوزت اتفاقية التعاون المشترك التي تضمنت تسع اتفاقيات في مجال الأمن والاقتصاد وحركة المواطنين شيطان التفاصيل.. وتركته لملفي الحدود وأبيي.. حيث كاد الأخير ينسف المفاوضات لولا موقف البشير وسلفا واتخاذهما قرارات أفضت إلى عبور البلدين جسر الحرب والتوترات.. ولكن من أسكن «الشيطان» في تفاصيل ملفي الحدود وأبيي في مفاوضات أديس أبابا.. الإجابة بسيطة هي الوساطة الأفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي.. فالوسيط قدم خارطة إلى مجلس الأمن.. فبدلاً من تحمل حلولاً فجرت خلافات بين البلدين.. حيث ضمت مناطق سودانية مثل الميل (14) إلى الجنوب.. كما قدم أمبيكي مقترحات كانت مقبولة لدى الطرفين حول أبيي.. لكنه أقحم نفسه في تحديد آلية الاستفتاء وموعد إجرائه في أكتوبر من العام الماضي.. وهذا المقترح أثبت أن أمبيكي لم يدرس ملف أبيي جيداً قبل تقديمه للمقترح.. ولم يراجع الاتفاقيات السابقة حول المنطقة التي قبل الطرفان بها.. حيث إن بروتكول أبيي ينص على تكوين مفوضية استفتاء من دولة السودان.. فيما اقترح أمبيكي تكوين مفوضية من الاتحاد الأفريقي.. وهو ما رفضه السودان.. فإذا كان السودان قبل بهذا المقترح فهذا يعني أن كل اتفاق سابق بين البلدين حول المنطقة يمكن إلغاؤه.. كما أن طبيعة المنطقة لا تساعد في إجراء استفتاء في أكتوبر.. لأن جزءاً من المعنيين بالاستفتاء وهم المسيرية لا يتواجدون في المنطقة خلال أكتوبر مما يجعل الاستفتاء مقتصراً على الدينكا فقط دون سواهم.. فضلاً عن أن المقترح تجاهل نقطة مهمة وهي أن أي طرف له حق في أبيي.. فالمسيرية والدينكا لا يستطيع طرف إلغاء حقوق الطرف الآخر.. غير أن التطورات التي صاحبت جلسات التفاوض الأخيرة في أديس ستنعكس سلباً في ملف أبيي وداخل حكومة دولة الجنوب.. حيث غادر أبناء أبيي منهم دينق ألور ود.لوكا بيونق.. مقر المفاوضات دون حضور مراسم التوقيع.. وقد حاول الرئيس سلفاكير طمأنتهم بدعوته للوساطة بتحويل الملف إلى مجلس السلم والأمن الأفريقى لاتخاذ قرار تمهيداً لتدويله.. وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا بموافقة الدولتين.. كما أن الوساطة لا تريد الظهور أمام العالم بأنها عاجزة عن حل القضية خاصة وأنها استطاعت إنجاز السلام وإبعاد شبح الحرب تماماً بين البلدين.