وأحمل حباً خاصاً وخالصاً للأحبة في حزب التحرير ولاية السودان.. ظللت أمطرهم دوماً بأمطار من الاحترام.. وأمواجاً من الود.. أرسل لهم من الحروف أروعها.. ومن العبارات ما هي أكثر وسامة وأناقة.. أفعل هذا رغم أني من أبخل الناس إشادة بالناس.. لا يعجبني العجب.. ولا أصوم في غير رمضان.. ولكن هؤلاء الأحبة يستحقون وهم بالإعجاب جديرون.. ولكن مهلاً.. ليس لأني قد اقتنعت بطرحهم.. وليس لأني أشاطرهم الرأي وهم يدعون إلى الخلافة الإسلامية الآن.. لاحظوا كلمة الآن جيداً وضعوا تحتها ألف خط وخط.. فقط إعجابي بهم لأسباب عدة منها أنهم مجموعة من الشباب والصبايا.. آمنوا بفكرهم وظلوا يتحركون في مثابرة واجتهاد.. بل أكاد أقول إنهم يفوقون ويتفوقون على كل أعلام الأحزاب مجتمعة بما فيها حتى حزب الحكومة نفسه.. يفعلون كل ذلك بجهد بشري وكثيراً ما تراهم يتجولون راجلين وهم يوزعون منشوراتهم على كل الصحف.. وسبب آخر أنهم يقبضون على جمر قضيتهم في صلابة وقوة وصمود.. وأنا يعجبني ويطربني الثبات على المباديء.. والالتزام الصارم بها.. وسبب آخر وهو أنهم يبشرون بفكرهم.. بل ينشرون فكرهم باللين والموعظة الحسنة.. مع مناهضتهم تماماً للعنف.. حتى ذاك اللفظي.. أما اليوم فأرجو أن تتسع صدورهم لعتاب يشبه تماماً عتاب ذاك الإعرابي الصارم الذي قال.. إذا الملك الجبار صعّر خده.. مشينا إليه بالسيوف نعاتبه.. وعتابنا هو موقف الأحبة في حزب التحرير من اتفاق التعاون بين السودان وجنوب السودان.. موقف أدهشنا تماماً.. فقد كان هؤلاء الأحبة في خندق واحد معنا نحن الوحدويين الذين حاولنا بكل جهدنا وقوانا أن نحول دون انفصال الجنوب ورحيل الإخوة الجنوبيين ذاك الحزين والدامع.. نعم دهشنا وحق لنا أن ندهش.. فقط لأن مناهضة هذه الاتفاقيات كنا نتوقعها من جهات أخرى ليس من بينها حزب التحرير مطلقاً. وفي هدوء نسأل الإخوة في حزب التحرير.. هل تدرون البديل لهذه الاتفاقيات الحتمي والمتوقع.. إنها الحرب بكل بشاعتها وهولها وأهوالها.. وإذا كان الخيار بين اتفاقيات مجحفة أو حتى ظالمة.. وبين حرب تشعل السماء وتلون باللهب الفضاء وتدمر الأرض.. في أي صف تقفون.. هذا أولاً.. ودعونا نعيدكم ليس إلى الخلافة الراشدة.. نحولكم إلى أزهى وأعظم عهد عرفته البشرية.. وذلك عندما كان الرسول المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ينشر الدعوة وهي في بواكير إشراقها.. وكان المسلمون أقلة في مواجهة صناديد وكفار قريش.. نعيدكم إلى تلك الأيام والنبي المعصوم يوقع على أكثر وثائق الصلح إجحافاً وظلماً وهو صلح الحديبية.. صلح يطلب فيه أولئك الكفار الأوغاد.. أن يمسح كلمة رسول الله في مقدمة ديباجة الصلح.. ثم بند يقرر أن يعود كل من التحق من الكفار بعد إسلامه بالمسلمين.. ورغم كل ذلك وافق الرسول المعصوم.. رغم عدم رضا أصحابه الميامين.. فقد كان يرى خلاف ما يرون.. وكان يعرف أن نور الإسلام سوف يغمر كل مكان.. وهنا نسأل الأحبة في حزب التحرير.. لماذا لا تكون لكم في وثيقة صلح الحديبية أسوة حسنة.. وأنتم تعرفون تماماً أن كل الغرب وبكل جبروته وأسلحته وأمواله ومساعداته سوف يكون رهن حكومة الجنوب.. وهذا باعترافكم المخطوط والمكتوب في كل منشوراتكم. هذا هو عتابي.. فقد كنت أعتقد أنكم أول من يحتفي بهذه الخطوات المباركة.. التي تمهد إلى عودة ذاك الجزء العزيز الغالي من الوطن.. لكم ودي