في ثمانينيات القرن الماضي قدم الممثل المصري عادل إمام واحداً من أنجح أفلامه بعنوان «الفنكوش»، حيث لعب فيه دور موظف إعلانات بإحدى الشركات، دخل في منافسة مع موظفة في شركة أخرى لجذب أكبر عدد من المعلنين، وهداهما تفكيرهما للبحث عن منتج يتنافسان من خلاله ليكسب أيٌ منهما الجولة، ولأن عادل إمام مفتح ويلعب بالبيضة والحجر، فكَّر في إختراع وهمي أسماه «الفنكوش» ملأ به الصحف والفضائيات وشاشات العرض في الشوارع مطلقاً الوعد بأن يكون هذا «الفنكوش» فيه حل لمشاكلهم وبصورة تشبه التنويم المغنطيسي دفع المئات من المستهلكين ثمن هذا «الفنكوش» حتى قبل أن يعرفوا أن عادل إمام باع لهم الهواء والحلم الزائف، هذا الفيلم كلما شاهدته تجسدت أمامي صورة بعض المسؤولين والوزراء، الذين ما أن يتولى أحدهم المنصب ويكون يومها منتشياً وسعيداً فيطلق للسانه الوعود والعهود «الفونكشية» وبعد أيام وشهور يتضح أن الحال هو نفس الحال، ولا قولوا لي ماذا فعل وزير السياحة منذ أن تولى منصبه حتى الآن؟ أي خطوات خطاها جعلت من السياحة السودانية المترفه والمترعة أثاراً ومناظر طبيعية مصدراً للنقد الأجنبي الذي نحتاجه لحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟. ولا قولوا لي ماذا قدم وزير الثقافة والإعلام منذ أن وطئت أقدامه حوش الوزارة لقطاع كبير من المثقفين الذين يحملون هموماً ومحبطات تنوء عن حملها الجبال؟ ماذا قدم السيد الوزير ولو مبادرة في اتجاه المشروع «الفنكوشي» الأكبر، مدينة الانتاج الإعلامي التي ظللنا نسمع عنها ولم نرها على أرض الواقع ولو مجسماً هندسياً كنموذج لها؟! قولوا لي ماذا فعل السيد وزير الشباب والرياضة لهذا القطاع المهم الذي أحسب أنه يسير بالجهد الأهلي، ومعظم مجالس إدارات الأندية تعتمد على الرأسماليين من أعضائها!! بل ماذا فعل وزير المالية لخروجنا من النفق المظلم الذي نحن فيه، وتصريح من سيادته أمس الأول «غير مدروس»، ومشروع رفع قيمة الدولار فجأة دونما مقدمات! ماذا قدم وزير الزراعة وملايين الهكتارات من الأراضي الخصبة مهملة تنتظر من يستصلحها ويكسوها اخضراراً، ونحن سلة غذاء العالم كما كنا نكني أنفسنا نستورد القمح والبرتقال والأرز والعدس والفول، ومشروع الجزيرة حاله يغني عن سؤاله ! بل ماذا فعل وزير الصناعة وعشرات مصانع الغزل والنسيج الشغال الوحيد منها هو «العنكبوت» الذي يغزل خيوطه صباح مساء، وللأسف نحن نستورد ما نلبس من المنديل وحتى «أيه كده ما أعرفش»، أليس من حقي أن أقول إن كل هؤلاء يبيعون لنا الفنكوش ووزارتهم فنكوشية الانجاز والوجود والوعود!!. كلمة عزيزة: نقل لي أحد مواطني مدينة الحلفاية من الذين ينتظرون السحب على أراضيها أن توزيع الأراضي ربما يتم بعد عام، وهو حديث محير، واللجان قد أكملت أوراقها الثبوتية واستلمت قيمة الأرانيك من المواطنين على دائر المليم !! فلماذا التلكؤ والانتظار وهؤلاء المستحقون محتاجون سقوفاً يؤمنون بها مستقبل أبنائهم وبناتهم، ولو أصلوا الحكاية بعد سنة كان تخلوا الناس تلم قروشها وتدخل «صندوق» فلربما جاءها عائد يحل بعضاً من ضوائقها. كلمة أعز: اعتذر الدكتور عبد الرحمن الخضر والي الخرطوم للمواطن الذي انتهكت خصوصيته، اعتذار محترم من رجل يحترم مواطنيه، ويحترم نفسه والمسؤولية الملقاة على عاتقه دون مكابرة أو فلهمة!!.