نال رجال الشرطة والمواطنون ظهر أمس الأول حظهم من حجارة المتشردين «الشماسة» الذين تسلقوا مئذنة مسجد الخليفة عبدالله التعايشي هرباً من اقتيادهم إلى دور الإيواء المخصصة لهم.. ورفضوا كل الرجاءات.. بل هددوا بالقفز من أعلى المئذنة إذا ما اقترب منهم أحد وأجبرهم على النزول.. لكن فكرة ذكية من الشرطة منحتهم الطمأنينة «الأمان» وسد رمقهم بعشاء فاخر جعلتهم يستجيبون للنداء ويفكون «اعتصامهم».. إن كان اعتصاماً بالفعل. * وليست هى المرة الأولى التي يشتبك فيها المتشردون مع المارة ورجال الشرطة.. فقبل ثلاثة أعوام اعتدوا على المواطنين فى «خور أبوعنجة». * لم يختار المتشردون وضعهم الذي هم فيه الآن فهم ضحايا «خلافات المجتمع في كافة مستوياته.. ولم تحسن أي جهة في معالجة تلك القضية التي ظلت تكبر كل يوم حتى صار المتشردون جماعة لها عالمها الخاص ولغتها التي لا يستطيع أحد فك طلاسمها إلا بعد اختراق عالم المتشردين.. وأصبحوا أسراً ولهم من الأبناء والبنات الذين يجلسون على الأرصفة مساء كل يوم عدا الأيام التي يتم فيها القبض عليهم بواسطة السلطات لإيداعهم دور الإيواء. * نعم.. لم يختار المتشردون وضعهم الحالي فهم ضحايا خلافات أسرية وكوارث طبيعية «جفاف وتصحر وسيول» وحروب نشبت بسبب أطماع وطموحات الساسة الشخصية.. أو الناشبة لتحقيق رغبات من هم في الخارج.. لذا لن تتعالج القضية بدور الإيواء التي مهمتها توفير سكن مريح وغذاء وماء ودواء للمتشردين وتأهيلهم ليكونوا فاعلين في المجتمع.. وإنما يكمن العلاج في مخاطبة الأسباب التي تدفع للتشرد.. من بينها الحروبات وإعانة الأسر التي لا تستطيع توفير لقمة العيش لأفرادها.