يكون الموقف التربوي أحد الشواهد المصاحبة لنجاحات الإنسان في مناحي المشاركات المتنوعة، خاصة العملية والاجتماعية.. لذا دائماً ما نجد صفة المدح مطابقة لشخصيات ما في العمل العام، مما يفرد القياس المنشود توضيحاً للأدوار كل باختصاصه وخبرته وتحصيله المتراكم لفترات متلاحقة طويلة الأجل . أقول إن الوفاء يعزز أهم المرتكزات منها المصداقية في التدوين والتعريف، مما يترتب على ذلك صفة الإخلاص في العمل والاعتراف بالأخطاء المصاحبة، والبحث عن التصحيح والأصح والتقيد على التنفيذ الأسلم دون اللجوء للمقارنة التي تعتمد أصلاً على الاجتهاد، رغم أن التعامل المتكرر قد يحدث بعض الفجوات ما بين الوفاء في العمل والتعقيد في الاجراءات لبعض الرموز المتشددة فيحدث الاختلاط ما بين النماذج فيكون التقاعس شكلاً آخر يتداخل ما بين الشخصيات، فيهتز عرض الوفاء على حساب المخلين في أدوارهم الوظيفية. الوفاء والعرفان كشف لي رؤية التواصل وبدأت التمس تلك الإمكانات التي تعمل بجهد متصل دون توقف.. تتابع شأنها بتجرد وتتطلع الى الأفضل، تعالج سلبيات العمل وتسهم في حل كل المعضلات. أقول أضع نفسي اليوم وسط هالة من الإطراء ليس لمدح ارتقائي، انتظر منه أن يضعني في مقدمة الأخيار علني بالوصف اجتاز الثريا، ولكن مبدأ الإنصاف فرض عليّ الصياغ فكنت على موعد مع الاستباق، والدليل على ذلك إنني سطرت مقالات توالت وتواردت في حينها، وأكدت صدق إشاداتي مما يعني أن هالة الوصف أفاضت وأجادت واستحكمت حلقاتها وانفرجت على الفضائيات وغيرها من أشرعة الإعلام المتعددة.. أقول مثنى وثلاث التفاني والإحساس بعظم المسؤولية هي قدسيات ينبغي أن نتدثر بها لتكون المسلكية نهجاً شمولياً يرفع من قدرنا ومكانتنا، فلا أخال أن البيت السوداني القديم جاف بل ظفر بالمستحقات التربوية وأفاض فيها، وقد عشنا منذ نعومة الأظافر على منهج قويم وارشاد سليم، فاتبعنا فضائل وأساليب وعادات من هم حولنا، فقد كانت المفردة التي نسمعها ونحن صغار من كبارنا الأمانة والوفاء بالوعد وصدق القول، تشربنا منهم وانغمسنا في هذا الدرب فوجدناه في المدرسة وفي الشارع ومحفوراً في جدران الفصول، وحتى فراَّش المدرسة الذي كان يطلق عليه هذا الاسم قدوة لنا وكان أستاذاً في الحياة بلا سبورة أو طباشير.لذا الثوابت التربوية منذ النشأة تعطي ثمارها في مقتبل العمر وأي اخفاق تربوي يهز عرش المستقبل، ويكسر حواجز التعامل الراقي فيكون الاخلال حالة واضحة المعالم بصمتٍ مسكوت عليه أو غير مسكوت.. لذا الإعجاب الذي جاء في مقالي السابق بعنوان «رجال بقدر المسؤولية» في جوازات المغتربين والذي نشر في شهر يونيو، جاء قياساً على القيم التربوية الناضجة التي غطت على الوجه المشرق، فأعطتني انطباعاً كان في موضعه بدليل أن الملاحقات الإعلامية تسابقت على المكان، فوجدت ما قلته حقيقة ماثلة لم أضف ولم أبالغ مما جعلني في وضع أكثر أريحية وادخلت في نفسي كماً من السرور والانشراح، لأن الإحباط في كثير من المرافق أيا كانت هو صورة متفق عليها في افواه وآراء القاصدين تشكل حضوراً أما ندرة المعاملات الراقية تظل ببريقها وبشكل مدهش، وهذا ما لمسته في مدير جوازات المغتربين العميد عادل جمال، فهو يمتلك ثقافة التعامل ويرسل ابتسامة التوافق المهني ولا ينأى بوظيفته على التشدد ولا يقبل التهاون، بل يرفض تماماً الاستغلالية لأنه يمتلك ناصية ما يدور حوله، فهو كتلة من التواضع التربوي السليم الذي يأتي في مرتبة العرفان والإخلاص، وحتى الذين من حوله يعملون بهمة ونشاط يجوبون في دائرة العمل بثقة واحترام وعلى رأسهم مساعد شرطة عبد الله منزول فهو للحق رمز للجندية الشاملة والجاذبة، وهناك بقية الكوكبة بكري وفاطمة لونية تلتمس فيهم المرونة والاستيعاب التام، وهناك العاملة زليخة التي تقدم واجبات الضيافة التي تشربت ثقافة التعامل وكأنها قادمة من دائرة أدب التعامل الراقي، وأذهب أكثر الى رئيس الدائرة الفنية العقيد شرطة منتصر معتصم مامون فهو حالة تستحق التوقف عندها.. فهو في رأيي ورأي الآخرين خلاصة الخبرة في واجباته وهو موسوعة من العلم والتعلم وفي اعتقادي منهج أخلاقي يتعلم منه الآخرون، ويبدو لي تماماً أنه تشبع بالقيم الفاضلة فهو من نبع قويم نشأ في محبة الله والخوف منه.. بالإضافة لامكانياته الأكاديمية التي أرى فيها رؤية يمكن الاستفادة منها في عالم الشرطة السودانية، فهو للحق والحقيقة ذاك الرجل الشامل والعالم بدوره المنوط وبثقة تؤمن بأن مسيرته في الشرطة السودانية لها شأن واي شأن.ما أرمي إليه حق مستحق فرض علي أن أنشره لكي يتعلم منه الجميع، فنحن نحتاج لمثل هذه النوعية من الكفاءات فهي نادرة، لذا الاستحباب جعلني أسطر مقالي هذا بحسابات وازع الضمير، علني أرضي نفسي في حق هؤلاء الرجال- من هنا ينبغي أن تتمدد لهجة الإشادة لمدير الشرطة السودانية الفريق هاشم عثمان، واللواء أحمد عطا المنان وأقول لهم إن الشرطة السودانية في حلة التصاعد الماكوكي فإذا أنتم تمتلكون مثل هؤلاء فأنتم في تسابق نحو القمة التي لا تقبل التنازل، وعليكم بالترفيع تأهيلاً وبالتمعن تشريفاً، وبالمتابعة تأميناً لنؤكد لأنفسنا وللآخرين بأننا ذاهبون الى العرفان والواجب الوطني لمرحلة أكثر دقة، وما أعظم القيم السودانية التي ترفض التنازل جيلاً بعد جيل، استناداً على الأعراف الأصيلة، سائلاً الله أن نحافظ عليها دائماً وأبداً.