في هذه الايام المباركة تتجاوب جنبات الكون بالنداءات لضيوف الرحمن.. ان هلموا الى المكارم.. الى البيع الرابح.. ولعل لذلك معنى روحي عظيم يتجسد في قول يبدو ساذجاً لمن لا يعلمون، وذلك عندما يعلن احدهم انه قد نوى الحج لأن ((المنادي ناداه))، وهل هنالك من يصم أذنيه عن نداء ذلك المنادي؟ ورغم علمي التام بأن الحجة الاولى هى الفريضة وبقية الحجات اللاحقة هي نوافل وتطوع الا انني درجت على تلبية ذلك النداء في كل عام بتوفيق منه تعالى، والآن لا يفارق مسامعي ليل نهار ذلك النداء العذب، وبإذنه تعالى سوف ألبيه وليوفقني المولى عز وجل كما وفقني في المرات السابقة. والحج ليس مجرد مؤتمر اسلامي كوني كما تواصينا على ذلك وانما هو ايضاً رحلة روحية عميقة يخلع الحاج خلالها شوائب الدنيا ويتبرد بيقين الايمان وتشخص عيناه الى عالم بعيد عن عالم الفانية، فطوبى لمن يكون في ضيافة الرحمن وأنعم واكرم بها من ضيافة! وانا اعد عدتي للحج يجول في خاطري ان حج هذا العام سيكون له طعم خاص اثر الوقفة القوية للمسلمين في كافة ارجاء المعمورة تجاه أباطيل ابناء الافاعي ومن لف لفهم والتى حاولوا بها الطعن في سيرة افضل الخلق سيدنا محمد المصطفي عليه الصلاة والسلام، وهى وقفة ارعبت اعداء الله واعداء رسوله، وبينت لهم ان الاسلام، رغم اوضاع المسلمين المزرية حالياً، هو الدين الحق الذي لن ينطفئ مهما نفخ الفجرة بأفواهم لاطفائه..! ومعلوم ان الحج الى بيت الله تعالى كان طقساً تعبدياً منذ امد بعيد، اى منذ ان رفع ابونا وسيدنا ابراهيم قواعد الكعبة الشريفة، ولكن بعد انقضاء تلك الحقبة دنس المشركون البيت بأصنامهم الحجرية، وابتدعوا لهم حجاً غريباً يؤدونه وهم عرايا، نساء ورجالاً، ولهم مكاء وتصدية، وما الى ذلك من فجور وشذوذ. وعندما جاء الاسلام برسالته الخاتمة اقر الحج الى بيت الله وجعله ركناً من اركان العقيدة الخمسة، ولكن شتان ما بين الحج في الاسلام وذاك الحج الفاجر الذي كان يؤديه المشركون، وكما ذكرنا من قبل فان الحج هو في احد مقاصده مؤتمر اسلامي كبير يؤمه المسلمون من كل فج عميق في كوكبنا الارضي، وذلك فان علينا في هذا العصر بصفة خاصة ان ننشط هذا المقصد، وذلك لأننا الآن والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه اصبحنا كغثاء السيل، وصرنا ملهاة لكل شذاذ الافاق في الغرب (اوربا، وامريكا)، ونعلم ان المايسترو الذي يمسك بعصا القيادة في هذه الجوقة الفاجرة هو (اسرائيل)، وذلك لم يعد سراً، وشهد العالم كله تلك الهرولة الواجفة للذين يخوضون الآن سباق الرئاسة في الولاياتالمتحدة ، وهى هرولة باتجاه واحد يؤدي دوماً الى تل أبيب.. انه الحج على الطريقة الصهيونية والعياذ بالله، ولذلك فان ما جال بخاطري من ان حج هذا العام سيكون مشهوداً له ما يبرره في اعتقادي.. وحجاً مبروراً وسعياً مشكوراً باذنه تعالي! ويجب ان يكون خير الدعاء لكل حجاج السودان ان يحفظ الله بلادنا قيادة وحكومة وشعباً من كل مكروه.. (آمين).