لا أعرف سبباً منطقياً يربط ما بين مؤتمرات الحركة الإسلامية السودانية، وما بين خلافة المشير عمر حسن أحمد البشير في رئاسة الجمهورية، والذي سيكمل فترته الرئاسية في العام 2015م.. ولكن يبدو أن (الحراك) داخل الحركة الإسلامية، نقل انعكاساته على ساحة الحكم، وعلى المشهد السياسي السوداني برمته، حتى أن قادة ومنسوبي الأحزاب الأخرى أخذوا يدلون بدلوهم في أمور هي من شأن الحركة الإسلامية وحدها ترتبط بهياكلها ودستورها وأمورها التنظيمية الداخلية. لم أرد منذ البداية الخوض في بحر التكهنات، لأن الحكم في السودان يقوم على قواعد ونظم، أو ما يمكن أن نطلق عليه اسم (النظام) أو ال(System) والذي يقوم على مؤسسيتين، الأولى هي مؤسسية الدولة، والثانية هي مؤسسية الحزب الحاكم الذي دفع بالرئيس البشير إلى كرسي الرئاسة، وفق معطيات وحسابات خاصة وعامة، أبرزها شبه الإجماع على شخصية السيد الرئيس عمر حسن أحمد البشير، وقربه من عامة الناس، وما يتمتع به من قبول شعبي وما يمكن أن نطلق عليه (كاريزما القيادة). مؤسسية الدولة أو نظام الترشح فيها إلى المناصب السيادية معلوم بأمر الدستور، وهو الآن محل نقاش بحيث إما أن يتم إلغاؤه تماماً وصياغة دستور جديد، وإما أن يتم تعديله بحيث يتماشى مع مرحلة ما بعد الانفصال التي جاءت بالدستور الحالي الذي هو محل نظر، وإن كنا نرجح اتجاه الدولة ومكوناتها السياسية والاجتماعية والأمنية وغيرها إلى صياغة دستور جديد تماماً يستصحب معه روح الشريعة الإسلامية، وليس أدل على ذلك من اجتماع السيد نائب رئيس الجمهورية الدكتور الحاج آدم يوسف يوم أمس، بإمام الأنصار وزعيم حزب الأمة السيد الصادق المهدي، للتشاور حول أبرز ملامح الدستور الجديد، في وقتٍ حسم فيه مولانا السيد محمد عثمان الميرغني أمر (إسلامية) الدستور. ومع ذلك قد تبرز خلافات واختلافات بين القوى السياسية الكبرى، وقد ترى الأحزاب السياسية أن المؤتمر الوطني سيسعى إلى (تفصيل) دستور على مقاسه وحده، بحيث يكون للآخرين وجود لكنه عديم الأثر والتأثير. الآن ربط الكثيرون بين مؤتمر الحركة الإسلامية القادم، وبين ضرورة الإعلان عن خليفة للرئيس البشير، استناداً على أن الحركة الإسلامية نفسها ستقود تغييراً داخلياً يقضي بأن يفسح الكبار المجال لغيرهم من الشباب، وقد فات على أولئك أن التغييرات داخل الحركة الإسلامية شأن تنظيمي بحت، فالحركة الإسلامية لا تحكم السودان الآن، بل الذي يحكم هو حزب المؤتمر الوطني، وهو واجهة سياسية للحركة الإسلامية، أو معبر عن خطها السياسي، وهو الذي يقرر في مثل هذه الحالات. ثم هناك جانب في معادلة الحكم لم يلتفت إليه كثير ممن بدأوا الخوض في بحور الحكم ومحيطاته، وهو (وضع) القوات المسلحة في خارطة الحكم، والتي لا يمكن إغفال دورها في استمرار الأنظمة واستقرارها.. الحديث عن خلافة البشير في رئاسة الجمهورية، سابق لأوانه، وربما فتح الباب أمام ريح الفتنة.