بعض القوى السياسية انتقدت إرسال إغاثة للمنكوبين في باكستان وقالت إن منكوبي الداخل أولى بالمعروف..! أنا في رأيي هذا الحديث لا يخلو من وجاهة إذا جاء خالياً من الكيد السياسي!! فالسؤال الذي يطرح نفسه هل العمل الإغاثي الذي ترسله هذا المنظمات يتناسب وحجم الضرر الواقع هناك؟ وهل هو يتماثل وإمكانات البلد القادمة منه هذه الطائرة مثل السودان مثلاً. انظروا لطائرات الإغاثة الضخمة القادمة من أمريكا واليابان والسعودية ومثل هذه «الطويرة» القادمة من بلاد منكوبة بالفيضانات والسيول والحروب «والمحليات» وتحتضن عاصمتها ومدنها الكبيرة معسكرات النازحين والمحرومين وفقراء المدن الهاربين من ويلات موجات الجفاف والتحصر. سيضحك الناس كثيراً على هذه المؤسسات والمنظمات التي تدِّعي «الخيرية» وهي تنهض بين كل لحظة وأخرى لإرسال طائرات «الوجاهات» والعلاقات العامة لبلاد التسونامي البعيدة ولأقاصي الدنيا تحت شعارات كذوبة بدعوى الوقوف مع الإنسانية!! وهي تترك خلفها أبشع وأقسى صور الإنسانية التي هي في أمس الحاجة للعون وللغذاء وللإغاثة «الدائمة» وليست «الموسمية»ولكنها مؤسسات «البزنيس» والمصالح!!لماذا دائماً نكيل المكيال فقط للمنظمات الأجنبية ونقول إن ورائها أجندة ومصالح. وننسى «الأجندة الوطنية». نعم الحالة في باكستان الشقيقة تستحق العون والمساعدة ولكن هذا يجب أن يكون تحت إشراف الدولة المباشر ولا يجب أن يترك مثل هذا الواجب الإنساني لمثل هذه المؤسسات التي أدمنت السفر والترحال ما فائدة وزارة التعاون الدولي؟ لماذا لا تتولى هي تقدير مثل هذه الأمور وأن يتم ذلك تحت إشرافها المباشر وبطائراتها..!! ولماذا لا تتفرغ هذه المنظمات لعمل الخير وإغاثة أهلنا ضحايا السيول في شندي وأم روابة والشرق ولماذا لا تتجه للجنوب فهناك المجال أوسع وأرحب!! ولماذا لا تتجول في مستشفيات السودان الفقيرة والبائسة تشتري الأجهزة والمعدات وتقدم عمل الخير والمساعدة لضحايا أمراض السرطانات والفشل الكلوي ومريضات الناسور البولي اللائي لا يجدن شيئاً يسترن به الحال أمام هذا المرض المؤسف.. لماذا لا يذهب «ضل الدوم» مع مذيعة الشروق رانيا هارون في برنامجها الإنساني مع كل الود والتقدير وهي تكتشف لنا في كل حلقة كم من بيت وكم من أسرة في حاجة للعون والمساعدة. ولماذا لا تقرأ هذه المؤسسات مئات التحقيقات التي يكتبها الصحفيون الشرفاء عن المعاناة وعن الفقر وآلاف الروشتات التي يبحث اصحابها عن فاعل خير يسدد قيمة الدواء للمرض الذي انتشر واستفحل..؟ على هذه المؤسسات التي تسمي نفسها خيرية ومنظمات عون مدني أن تساعد أولاً مجتمعها المدني وتترك العلاقات «العامة الخارجية» للحكومة التي لها وزارة كاملة بوزيرها ووكيلها اسمها وزارة التعاون الدولي، أو اي وزارة أو جهة حكومية أخرى يمكن ان تقوم بهذا الدور. ü جاء في مقدمة ديوان محمد عبد الحي العودة لسنار: قال يا أبا يزيد البسطامي ما أخرجك من بسطام قال: طلب الحق: قال أرجع بسطام فالذي طلبته تركته وراءك. فرجع فلزم حتى فتح له.