ليس من العدل والإنصاف وضع السودان في المرتبة الثانية بعد دولة تعيش منذ أكثر من عشرين عاماً في فوضى وغياب حكومي وقوات قومية واحدة، في قائمة الدول الفاشلة وهو اصطلاح جديد لتصيف الدول أسمه مؤشر الدول الفاشلة في تصنيف عام 2010 تم وضع السودان رقم (3) كأفشل دولة في العالم بعد الصومال وتشاد. وفي العام 2009م السودان رقم (3) بعد الصومال وزمبابوي. وفي العام 2008م السودان رقم (2) بعد الصومال وفي العام 2007 السودان رقم (1) بعده الصومال في العام 2006م السودان رقم (1) بعده الكنغور الديمقراطية وساحل العاج. وفي العام 2005م السودان رقم (3) بعد ساحل العاج والكنغو والصومال رقم (5) هذا أمر غير معقول يصعب قبوله. المعايير الرئيسية الأربعة لتصنيف الدول واعتبارها فاشلة هي: فقدان السيطرة على الأراضي الوطنية والسيادة عليها تهالك السلطة الشرعية عدم القدرة على توفير الخدمات العامة الضرورية للمواطنين عدم المقدرة وفقدان التعامل مع الدول الأخرى. ويمضي وصف الدول الفاشلة حسب منظمة صندوق السلام الأمريكي Fund For Peaceليقول أن الدول الفاشلة تتصف بهذا الفشل في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وأهم صفه عامة للدول الفاشلة أنها تحكم بواسطة حكومة بدرجة من الضعف يجعلها غير قادرة على حماية أراضيها وحدودها أو غير قادرة على توفير الخدمات الضرورية أو أخيراً تتعرض لتدنٍ حاد في الاقتصاد القومي. واضح أنه لا يوجد وصف دقيق لكلمة دولة فاشلة، ماكس ويبر يصف الدولة الناجحة بأنها تلك الدولة التي تحافظ على احتكارها التام للاستعمال الشرعي للقوة الفعلية داخل حدودها Legitimate Use Of Physical Force هذه الصورة للقوة يمكن إضعافها بأمراء الحرب، المليشيات أو الجماعات الإرهابية وبالتالي تكون الدولة فاشلة ويمكن أن توصف الدولة بأنها فاشلة إذا لم يكن لديها القوات الكافية من الجيش والشرطة والأمن لحماية حدودها وأمن مواطنيها أو لديها معارضة مسلحة تجعل السلطة الحاكمة غير قادرة لبسط وتنفيذ قوانينها بصورة عادلة ومتساوية بسبب كثرة الجرائم الجنائية، الفساد السياسي الشديد الأسواق غير الرسمية خارج النظام المصرفي، القضاء غير المؤهل وغير العادل والتدخل العسكري المباشر في السياسة. هنالك شبه اتفاق أن هذا المصطلح الجديد معقد جداً وهلامي وغير واضح الحدود ويتأثر كثيراً بالمعايير المزدوجة، إثنان من الناشطين الاجتماعيين لورا وفريشكي قالا إن هذا المصطلح غير متماسك Incoherent غير مفيد Counterprodutve.. من هذا التباين في الآراء وعدم وضوح معالم التصنيف يكون هناك ظلال من الشك المعقول بعدم جدوى هذا التصنيف. هنالك أيضاً مركز هام اسمه مركز أبحاث الأزمات الدولية Crisis State Research Centre. يصف الدولة الفاشلة بصورة أكثر دقة عندما يقول هي الدولة المنهارة للدرجة التي تجعلها مشلولة غير قادرة على توفير مقومات الدولة الأساسية في الأمن والتنمية وليس لديها تحكم على أراضيها أي هي الدولة التي عجزت تماماً في تجديد كل متطلبات بقاؤها في الوجود. قبل الولوج في تفاصيل وكيفية وضع المعايير ال 12 التي وضعها معهد صندوق السلام وهو مستودع الفكر في السياسة الأمريكية دعونا نعقد مقارنة بين السودان والصومال على ضوء المعايير الأربعة العامة ليتضح لنا بجلاء الأنحياز والمعايير المزدوجة والاستهداف الذي يضع السودان مع الصومال في مرتبة شبه واحدة وفي مرتين أسوأ من الصومال في مؤشرات أعوام 2007م و 2006م المعايير الأربعة: فقدان التحكم الفعلي العضوي على الأراضي والحدود هل السودان قريب لأي درجة من حالة الصومال المستمرة لمدة عشرين عاماً بل على العكس تماماً المواطنون في السودان والخرطوم خاصة يجأرون من الشكوى من القبضة الحديدة للسلطة والتدخل غير المقبول حتى في الحياة الشخصية وراحة ورفاهية الناس الشيشة مثلاً ومنها تدخل غير مقبول وغير موفق حرم الكثيرين وخرب بيوت أناس صرفوا أمولاً طائلة بعد حصولهم على تصاديق وتصاريح سلطات سارية حتى نهاية العام، أصبحت الفنادق والمقاهي الراقية خاوية ينعق فيها البوم ويلعن أصحابها ومرتادوها ويدعون على من كان السبب. في الخرطوم وجود واضح وهيبة للسلطة متمثلة في دوريات الشرطة الثابتة والمتحركة على مدار الساعة وتعتبر الخرطوم من المدن الأكثر أمناً في أفريقيا والعالم هل هناك أي مقارنة بين الخرطوم ومقديشو!. عدم المقدرة في تقديم خدمات عامة. هذا لا ينطبق على السودان حيث توجد خدمات متكاملة للمياه النظيفة والكهرباء والمواصلات العامة والخاصة، مراكز لتسوق فاخرة، سيوبر ماركت جميلة، خدمات تلفونات سلكية ومحمولة جعلت السودان في درجة متقدمة جداً في الاتصالات مستشفيات عامة وخاصة عيادات أطباء، مدارس وجامعات تستوعب سنوياً نصف مليون طالب، إنارة عامة، طرق معبدة، لوحات إعلانات راقية، حدائق عامة أكثر من 5 قنوات تلفزيون عامة وخاصة وإذاعات عديدة. هل يمكن بدون كل هذا أن تزدهر الحياة؟. المعيار الأخير هو فقدان المقدرة على التعامل مع الدول الأخرى هذا قطعاً لا ينطبق على السودان لمؤشرين هامين: الأول حجم الاستثمار الأجنبي في السودان والذي شكل في عام 2009م 20% من الناتج القومي والشئ الآخر هو زيادة الدين الخارجي للسودان من 33 مليار دولار في 2008م إلى 36.5 مليار دولار في 2009م إذا لم يكن السودان على صلة طيبة وعلاقات متميزة لا يمكن أن يتلقى دولاراً واحداً كدين خارجي. ما سبق هو بداية مهمة لدحض تقييم السودان بواسطة صندوق السلام الأمريكي هل مما تقدم أي مقارنة بين السودان والصومال نحن في السودان لدينا نظام جيد أو غير ذلك موجود ويحكم لأكثر من عشرين عاماً وحقق طفرات غير مسبوقة في التقدم والتنمية في كل المناحي كما سنرى في التفصيل الأتي: مركز بحوث الأزماتCrisis State Research (CSRC). الأمريكي يصف الدولة الفاشلة بأنها الدولة المنهارة في مقابل الدولة الناجحة أو المتماسكة وأن الخطوط الفاصلة بين الحالتين غير محددة بصورة دقيقة. مؤشر الدولة الفاشلة (FSI)Failed Stat Endex تم استحداث هذا المؤشر في العام 2005م بواسطة صندوق السلام الأمريكي Fund Peace وتقوم مجلة السياسة الخارجية بنشر المؤشر سنوياً منذ العام 2005م وحتى 2010 كان تصنيف السودان كما يلي: أفشل دولة في العالم مرتين 2006 و 2007م والدولة الفاشلة رقم (2) عام 2008م والدولة رقم (3) في عامي 2009م و 2010، الدول العشرون الفاشلة بالترتيب في 2009م كانت الصومال ، زمبابوي، السودان، تشاد، الكنغو الديمقراطية، العراق، افغانستان، أفريقيا الوسطى، غينيا، باكستان، ساحل العاج، هايتي، بورما، كينيا، نيجيريا، أثيوبيا، كوريا الشمالية، والنيجر. تقييم (FSI) أو مؤشر الدول الفاشلة يتم عبر وضع درجات مثل الامتحان على 12 مؤشر، عشرة درجات لكل مؤشر أي التقييم الكامل 120 درجة. كلما ارتفعت الدرجات كان المؤشر على الفشل، بمعنى أن نظري أفشل دولة تحصل على 120 درجة من 120 عكس الامتحان العادي كل مؤشر له درجات عشر ويتم التقييم من صفر على 10 من كل مؤشراً حسب ما سنوضح لاحقاً أن انجح دولة في المؤشر المعنى تمنح صفر من 10 وهكذا حتى يتم جمع درجات ال 12 مؤشر لكل دولة المجموع الكلي وهو 120مثلاً في 2010 شملت القائمة 177 دولة وبعد تقسيم المؤشر الكلي في أربع حالات كالآتي: 90- 120 حالة درجة الفشل والخطورة 60-90 حالة انذار باحتمال الفشل الكامل 30-60 حالة درجة الاعتدال سهل التغيير 15-30 حالة درجة النجاح والاستدامة من هذه ال 177 دولة كانت هنالك 37 دولة في درجة الفشل والخطورة، 92 حالة إنذار ، 35 حالة معتدلة و 13 حالة نجاح واستدامة. في العام 2010 أفشل ثلاثة دول كانت الصومال وأحرزت 114.3 تشاد أحرزت 113.3 والسودان 111.8 وكانت أنجح ثلاث دول في العالم في 2010 النرويج وأحرزت 18.8 فنلندا 19.3 والسويد 20.9. أمريكا أحرزت 3،35 انجلترا 33.9 واليابان 31.3 دائماً تذكر أن الرقم الكلي كلما كان قليلاً كان النجاح أكثر الآن دعنا نعدد ال 12 مؤشراً ونضع أرقاماً من عندنا واقعية غير منحازة وشجاعة مؤشرات هشاشة الدولة وقابليتها للفشل التام. هي 12 مؤشر 4 اجتماعية ، 2 اقتصادية و 6 سياسية. مركز بحوث الأزمات CSRC يوضح أن هذه المؤشرات ال 12 لم يتم تصميمها للتنبوء بموعد الإنهيار بل على العكس هي مقياس آني أي حالي عن حالة الدولة في الأوجه الأثنى عشر لقياس مدى قابلية الدولة واحتمالات انهيارها. بمعنى أن الدولة باللون الأحمر في الخريطة وهي التي حصلت على أكثر من 90 درجة هي أكثر الدول قابليه للانهيار تليها تلك الدول باللون البرتقالي وهي حاصلة على أقل من 90 وأكثر من 60 هي حالة إنذار ثم تلك الحاصلة على أقل من 60 وأكثر من 30 وتعتبر معتدلة لا خوف عليها وأخيراً تطل الخضراء الحاصلة على أقل من 30 وهي دول ناجحة ثابتة باستدامة. أ/المؤشرات الاجتماعية (4): 1/ الكثافة السكانية وتمركزها وهل موزعه في كل الدولة أم مركزه في مناطق محدده وهل كل الناس يتمتعون بماء نظيف، كهرباء، تعليم صحة، مواصلات واتصالات وخلافه. 2/ التحركات الجماعية للاجئين والهجرة والنزوح الداخلي 3/ الإحساس بالمرارات والرغبة في الثأر والانتقام نتيجة لعدم عدالة وظلم في الحاضر أو الماضي. 4/ الهجرة المزمنة والمستدامة للمواطنين بالخارج خاصة هجرة العقول من المهنيين والمفكرين أو السياسيين. الآن دعنا نقيم السودان في كل مؤشر من 10 المؤشر (1) موجود في السودان بدرجة معقولة لذا أمنح 5 من 10 المؤشر (2) هذه التحركات قلت كثيراً في الآونة الأخيرة لذا منح 2 من 10 المؤشر (3) موجود بدرجة كبيرة في بعض المناطق ولا يوجد في أخرى 5 من 10 المؤشر (4) كانت الهجرة قبل عشرات السنين كذلك لكن الآن تبدل الحال واصبحت الهجرة عكسية بالداخل 3 من 10 عليه يكون مجموع درجات السودان في هذه 4 مؤشر الاجتماعية 15من 40 ب/ المؤشرات الاقتصادية (2): 5/ التنمية غير المتوازنة بين المجموعات وهذه محدده بالظلم وعدم المساواة في التعليم، الوظائف والخدمات الأخرى التي يمكن قياسها بمعدلات وفاة الأطفال ومستويات التعليم ودرجات الفقر عليه يكون أحسن مؤشر لهذا هو خط الفقر المؤكد بواسطة CIA وهو 40% من سكان السودان تحت خط الفقر أي حوالي 16 مليون معظمهم في الجنوب ودارفور والشرق مع مراعاة المؤشر الإيجابي في ارتفاع نصيب الفرد السنوي على 2300 دولار متجاوزاً رقم الأممالمتحدة لتحديد درجة الفقر وهو 905 دولار في العام عليه يكون مناسباً أن نمنح السودان 6 من 10 6/ تدني حاد في الاقتصاد: هذا المؤشر يقاس بتدنٍ مستمر في معدل دخل الفرد السنوي، وتدني الناتج القومي، الديون الخارجية، خط الفقر وشح الموارد الطبيعية الحقائق التالية والمؤكدة بواسطة تقارير وكالة المخابرات الأمريكية CIA تمنح السودان درجة متدنية جداً في المؤشر أي نجاحاً كبيراً لأن الدرجات في المؤشرات مقلوبة كما أسلفنا كلما قلت الدرجات كان الأحسن.