حتي يكون الرد قاسياً ياسعادة الفريق البرهان ليتك تمسك عن الكلام في شأن كلاب صيد مليشيا التمرد السريع!    انطلاق فعاليات وبرامج التوعية المرورية لشرطة مرور ولاية البحر الأحمر بمدارس الولاية    النمير: المريخ لا ينفصل عن قضايا الوطن والحزن يخيم على الجميع    مدرب الاسماعيلي: المريخ قدم لنا فائدة كبيرة ولذلك لعبنا معه ثانيةً    (المريخ بطل السوبر)    السعودية تعلن موعد غرة ذي الحجة والوقوف بعرفة وعيد الأضحى المبارك    المليشيا المتمردة تقصف أحياء كرري وتخلف شهداء وجرحي    الخارجية تدين مجزرة ود النورة من المليشيا الارهابية    البرهان: لا تفاوض مع من ارتكب الفظائع في حق الشعب السوداني "لن يهدأ لنا بال الا بنهاية العدو والقضاء عليه تماماً"    السودان يهزم موريتانيا ويتصدر مجموعته في تصفيات كأس العالم    السودان يكسب موريتانيا بهدفين في تصفيات المونديال    الجزيرة تستغيث (4)    شاهد بالفيديو.. وسط ضحكات وسخرية الجمهور.. أفراد من الدعم السريع يعثرون على "مكثفات" أجهزة "تكييف" داخل إحدى المنازل يزعمون أنها قنابل ومتفجرات ويصفون الأمر بالانجاز الكبير    شاهد بالفيديو.. مواطن سوداني مشهور بتشجيعه لفريق بوروسيا دورتموند يسخر من فوز ريال مدريد: (الفريق الأسباني فاز بمساعدة فكي في سنار أحضروا له تيس أسود لتحقيق اللقب)    شاهد بالصورة والفيديو.. عارضة أزياء سودانية حسناء تستعرض جمالها بثوب عليه صورة الشهيد محمد صديق ومقولته الشهيرة (من ياتو ناحية)    شاهد بالفيديو.. بأزياء فاضحة.. حسناء سودانية تقدم وصلة رقص مثيرة مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة والأخير يغني لها: (مين البشبهوك سودانية ملكة بت ملوك مية المية)    انتظام حركة تصديرالماشية عبر ميناء دقنة بسواكن    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    الأول من نوعه.. اجتماع أميركي مصري بشأن السلاح النووي    النشاط البشري يرفع حرارة الأرض ل "مستويات غير مسبوقة".. ما القصة؟    ميزات جديدة من واتساب.. تعرف عليها    الكشف عن قيمة الشرط الجزائي الخيالي في عقد مبابي مع الريال    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    تعاقد الريال مع مبابي يرعب برشلونة    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    "إكس" تسمح رسمياً بالمحتوى الإباحي    حادث مروري بين بص سفري وشاحنة وقود بالقرب من سواكن    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السودان..نائب القائد العام يغادر إلى مالي والنيجر    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    القبض على بلوغر مصرية بتهمة بث فيديوهات خادشة للحياء    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    بدء الضخ التجريبي لمحطة مياه المنارة    "إلى دبي".. تقرير يكشف "تهريب أطنان من الذهب الأفريقي" وردّ إماراتي    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمك أوربا
نشر في آخر لحظة يوم 03 - 01 - 2013

وقف الصغير أمام والده وهو يجمع أطراف السؤال عندما حاصرته الفضائيات بذكرى الاحتفال باليوم الوطني وعيد الاستقلال.. متسائلاً بشدة «يا أبوي الاستعمار يعني شنو؟» فتململ الوالد في سريره، ونظر نظرة سريعة تجاه المطبخ ليطمئن أن السيدة الهانم مندمجة في إعداد القراصة بالدمعة.. وينتفخ فجأة ليقول ممازحاً ولده: «يا ولدي الاستعمار دا زي عمل أمك معانا.. نشتغل الشهر كلو.. ونجي نقيف قدامها زي الأطفال نسلمها الماهية.. وبعد داك نتزرز ليها زي الشحادين، أدينا حق المواصلات.. أدينا حق المجاملات» في مقابل رده «يا أبوي لكن في الكتاب الاستعمار يعني التسلط والسيطرة الأوربية على موارد دولنا المادية والبشرية» فيلتقط الوالد العبارة سريعاً «بس ياها ذاتها أمك أوربا.. وأنا أفريقيا»، ومن ثم يصبح الولد في جلباب المحلل.. وهو ينظر في كتاب التاريخ «يعني أمي تسيطر على المصادر والموارد في البيت عشان تبرز قوتها وتعزز سيطرتها على مقدراتك يا أبوي.. وتشلك تماماً من أي أفكار للانعتاق والتحرر الوطني.. يعني أمي حضارة تفرض ثقافتها النسوانية على البيت.. وتحدد لينا نمط حياتنا باعتبارنا مواطنين بمستعمراتها التابعة»، فيجد الوالد فرصة طيبة لشحن ابنه تجاه أمه القابضة «آي يا ولدي عشان كدا داير إيدك تكون معاي عشان نقدر نتحرر من تسلطها مرة مرة.. ونحرر المستوطنة من إيدينها» لكنه اضطر للصمت عندما جاء صوتها مجلجلاً من المطبخ «يلا يا هوي غسلوا إيدينكم وأرجوني في العريشة الفطور جاهز يلا قوام».. لتفتر ابتسامة من شفتي الولد الشقي، «لكن يا أبوي المستعمر دا ما بقوم بعمل كبير بشيل مننا الخام ويجيبو مصنع.. شنو ليك؟» ليرد «يا ولد هوي ما تنغش ليهو.. الاستعمار دا يحول مصادر الشراب كلها ليهو ويسقيك بالذرة» .. «يا أبوي يعني الفطور دا من باب النز».. «لا لا دا من باب الاستلاب الثقافي عن طريق الوصول للعقل عبر محطات المعدة ومن هنا يمكن تذويب الهوية والفكر..» ليرد الولد على والده «الحكاية شنو يا جلكسة، قدر دا شايل من الجلكينة في اللباد».. يتنبه الوالد فجأة الى حالة التلفظ الغريبة التي يتحدث بها ولده.. ويسأل نفسه في همس واضح «الولد دا المستعمرو منو..؟ الكلام الغريب دا بجيبو من وين..؟ جلكسة وجلكينة..» وعندما يحضر المأكول تذهب العقول ليلتف الجميع حول «صحن الباشري الذي تتحدث فيه لغة القراصة الساخنة مخاطبة البطن التي ترتجف من البرد والخواء» ويظل الابن والأب يتبادلان النظرات ذات الدلالة.. والأم تمارس عليهم التوجيهات «أكلوا القراصة دي بتودر ليكم البردة والجوع».. رغم أن توجيهاتها تصب في مصلحتهم إلا أن ما انطبع من كلام الوالد في مخيلة الابن يجعله ينظر لأمه بشيء من الريبة.. ويسألها «يا أمي إنتي ما كان ممكن توكلينا أكلة أغلى من القراصة بالدمعة دي.. ولا خلاص الاستعمار الاقتصادي أباح ليك تعملي فينا الدايراهو».. لتنظر الأم بحدة الى ابنها وترد عليه بحزم «هوي يا الغشيم ود الغشيم أكان داير تأكل غالي حتاكل ليك وجبة واحدة في الشهر.. تراني أدبر ليكم وأولد ليكم من قريشات أبوك الشوية والحبة الكتير.. عشان نستروا ما ينكشف حالكم».. فيرتد البصر خاسئاً وهو حسير الى والده ويلتقط سؤالاً من نظرة ابنه مفاده «شنو ردك يا زووول؟» ليهز الوالد رأسه من أعلى لأسفل ثلاث مرات كأنه يقول لابنه «بعدين بفسر ليك.. هسة أسكت وأكل» ويرتفع الصوت من الخارج كأنه صوت غُزاة أو غائرين.. «السلام عليكم حُصانا جراي.. ونسيبتنا بتريدنا..» فينظر الولد لوالده ولسان حاله «أها أكان ما أوربا دي البُستر حالك منو؟»
آخر الكلام: -
تبقى أفكار الاستقلال والاستغلال دائرة في مفهوم الإنسان كبُرت أم صغُرت الدوائر التي يتحرك فيها.. ما دام هذا الإنسان في حالة امتحان لموارده ومقدراته، ويبقى مفهوم أوربا وأفريقيا الحالي واقعاً لزمن مقدر ما لم تستطع الأخيرة للحاق بالأولى.
مع محبتي للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.