كلمة الاستثمار ينبغي أن نضعها في موضعها ونحفها بتلك الأوراق المدونة أو ما يسمى عند أهل الاقتصاد «دراسة جدوى» أو القراءة الاقتصادية لأي مشروع يكون له عائد لصاحبه إن كان فرداً أو مؤسسات.. الخ يبدو أن الاستثمار في مظلتنا الاقتصادية قد أخذ منحى الاتجاه الواحد إذا جاز هذا التعبير وبدأ الفكر الاقتصادي السوداني يتعامل بما هو معاش فنجد هناك «تدفقاً» في الاستثمار العمراني أفقياً ورأسياً من قبل بعض المنافذ ذات الإمكانات المستوردة عبر منظومة الإبدال والإحلال تسهيلاً لبعض الفئات في مجتمعنا الكبير علماً بأن هناك فئات لا تقع في مظلة هذا الاستثمار لضعفها الكامل في المدخل وهي الشريحة التي نناديها بأصحاب الدخل المحدود أو «الفقراء» هنا يكون الاستثمار قد حدد رؤيته وتجاهل أهم قطاع مؤثر ومتصاعد في رقعته السكنية والمعاشية.. علماً بأن هناك مجهودات محدودة وفي إطار ضيق واشتراطي وفيه الكثير من البنود الطاردة في معظم الأحوال.. ومثل هذا النوع لاقى الفشل بنسبة عالية خاصة في السيارات التجارية وغيرها من النشاطات الصغيرة التي تعتمد على محدودية الإنتاج والمؤسف أنها تمنح بلا قراءة تفصيلية ليكون العائد الربحي منصفاً وواجباً لحقوق سداد الأقساط. إذن كلمة الاستثمار لم تشبع المساحات غير الوسطية وتكدست في أروقة البناء والتعمير وتجاهلت معظم القطاعات، وهذا يعني أن الكثافة الاستثمارية في نوع واحد ولفئة «نسبية» قد تفقد عنصر الربح في لحظة زمنية قادمة..! أقول صناعة الاستثمار في هذا الوطن الواسع والمتسع لابد أن تجد المستثمر الوطني الذي يقرأ الواقع ويستنبط من خلاله دراسة جاذبة ولا أخال أن هناك اقتصاديين بقدرات عالية موجودون ولديهم رؤية استثمارية ناجحة تجعل من واقعنا المعاش شكلاً متعاوناً لتنفيذ الفهم الاستثماري الشامل الذي يخاطب كل الفئات في مجتمعنا الذي بات بين شد وجذب لهذا الفراغ في الوعي الاستثماري. من خلال هذا السرد تلاحظ لي أن الحديث عن الاستثمار الرياضي قد أخذ حيزاً في موسوعة البنوك السودانية المتعددة عبر نشاط سنوي وبتوجيهات إعلامية وإعلانية، بل ولديهم بعض الإصدارات لهذا النشاط وقد تجد فيه كماً هائلاً من الاهتمام.. ويبدو أن بنك أم درمان الوطني وبنك فيصل الإسلامي لهما حضور مشرف في المناسبات الرياضية الموسمية ولكنها قاصرة في الدورات الرئاسية «العاصمية» في حين أن بوابة الاستثمار الفعلي قد جاءت إليهم برجليها وجلست بينهم دون التعمق في أبعادها الاقتصادية! ماذا يضير مثل هذه البنوك أن توسع رقعتها في الوسط الرياضي وتتبنى أندية المقدمة أو أندية الولايات ذات الكثافة السكانية التي تهتم بالشأن الرياضي خاصة في نشاط كرة القدم التي يتزايد عليها الإقبال يوماً بعد يوم. ماذا يضير إدارات هذه البنوك المتفاعلة مع الوسط الرياضي أن تضع إستراتيجية جاذبة وبفهم استثماري يسهم في الترفيع للمستوى الكروي ويضع القيمة الاحترافية.. ويبدو لي أن الاهتمام بالناشذين من قبل بنك فيصل الإسلامي وبنك أم درمان الوطني قد أعطاني انطباعاً بأن واجهة الاستثمار لديهم قد أخذت وجهتها ولكن ببطء وفي إطار ضيق ورؤيته الإعلامية والإعلانية أكثر محدودية لا تأتي بمردودها الاستثماري لأنها في حدود الرعاية التي ينقصها المد المادي عبر ميزانية خاصة ومحدودة ضمن بنود مقفولة لا يمكن تجاوزها.. أقول الاستثمار الرياضي في العالم بدأ يعود بمحصلته الإيجابية بأبعاد اقتصادية وإئتمانية لا حدود لها ونشطت شركات في أن تلعب الدور الأول في المجتمع الرياضي فكان حصادها مزيداً من الإقبال. ما دفعني لهذا المقال أن نشاطنا الكروي يفتقر إلى الإمكانات المتاحة، بل إن الماديات تقف عائقاً في تطويره، والمعاناة واضحة المعالم بدليل أن أنديتنا الكبرى هلال مريخ تعتمد على مجهودات رجال الأعمال والأقطاب لتسيير النشاط، علماً بأن الثقل الجماهيري لدى هذه الأندية معلوم لدى الجميع.ماذا يحدث لهذه البنوك لو تعمقت بدراسة استثمارية من وسط الجماهير العريضة وشكلت عائداً للطرفين بفهم اقتصادي يجيدون طباخته وسبكه ليوفروا للوسط الرياضي بعضاً من السلبيات، علماً بأن القبول في مثل هذه الظروف يسهم في التصعيد الاستثماري المستحق لنتعامل معه وفق دراسة جامعة. إن الرموز التي تعمل في هذه البنوك وعلى رأسهم علي عمر فرح، عبد الرحمن حسن عبد الرحمن لهم «كاريزمة» الرؤية الرياضية وقد اطلعت على جهودهم من خلال كلماتهم في مناسباتهم الموسمية وإصداراتهم الداخلية التي تشير للاهتمام الرياضي. إنني أتوق أن تتعامل جميع بنوكنا في السودان في رفع المستوى الكروي وإن كان عن طريق الشراكة لأكثر من بنك، وهناك شركات الاتصالات يمكن أن تدخل منافساً آخر فالرياضة خاصة كرة القدم، أصبحت رقماً كبيراً جداً جداً في الاستثمار، والدليل على ذلك تلك الأرقام الفلكية التي نقرأها لبعض الأندية الأوربية. ختاماً نحن نحتاج لقناعات تذهب بنا بعيداً وتجعلنا قبلة للآخرين، إننا حقاً شعب رياضي من الطراز الفريد ولكننا مقيدون بموروث الفهم الواحد، لابد أن تلعب البنوك والمؤسسات دورها الاستثماري الفاعل..