في ظل قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007م واللوائح الصادرة بموجبه يدفعني لتناول هذا الموضوع كونه شأناً عاماً، وما أهم وشغِل قطاعاً عريضاً من قطاعات المجتمع ولعله أعرضها وأكثرها فاعلية منظورة، وأقواها أثراً ملحوظاً على كافة المستويات. لا شك أن تيارات الرأي العام واتجاهاته ذات أثر كبير في حسن تطبيق القواعد القانونية، حيث يقوم الرأي العام بوظيفة الحكم، ويصدر حكمه بعد مناقشة الرأي والرأي الآخر، حتى الوصول إلى رأي ينال الرضى . وإذا قلنا إن القانون يمكن تعريفه بأنه (مجموعة القواعد العامة التي تنظم سلوك الأفراد ونشاطاتهم في المجتمع، والتي تكفل للدولة احترامها بالقوة عند الاقتضاء عن طريق توقيع الجزاء على من يخلفها).. فإن سيادة القانون تتطلب منّا الآن تطويراً واعياً لمواده ونصوصه، بحيث تعبر عن القيم الجديدة في مجتمعنا، وإن أول ما يعزز سلطان القانون واحترامه هو أن يستمد حدوده من أوضاع المجتمع الذي يُطبق فيه. يرتبط هذا الموضوع بالنظام القانوني لنادي الهلال ومدى خضوع النادي للقواعد القانونية المنظمة لنشاطاته ومبدأ الشرعية. أولاً: تدرّج القواعد القانونية: نجد أن الأركان الأساسية التي يقوم عليها نظام النادي القانوني تنحصر في مبدأ تدرج الأعمال القانونية.. حيث أن تدرج القواعد القانونية هو الذي يكفل بناء النظام القانوني للنادي على أُسس متينة ومحددة، وهو الذي يضمن تنظيمها وتركيبها والتنسيق فيما بينها، وتحديد مصادرها، وبالتالي يحقق وحدتها وترابطها. إن تدرج الأعمال القانونية يعني: أن القواعد القانونية التي يتكون منها النظام القانوني للنادي، ترتبط ببعضها ارتباطاً تسلسليا،ً وأنها ليست جميعاً في مرتبة واحدة من حيث القيمة والقوة القانونية، بل تتدرج فيما بينها مما يجعل بعضها أسمى مرتبة من البعض الآخر.. حيث نجد في أعلاها القواعد القانونية التشريعية العادية. (1) قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم الصادر بتاريخ 20 / 9 / /2007م من المجلس التشريعي لولاية الخرطوم بموجب أحكام دستور ولاية الخرطوم الانتقالي لسنة 2006م والموقع عليه من السيد والي الخرطوم - وقتذاك- وهو بدوره يحتل مرتبة أعلى من اللوائح العامة (2) اللائحة العامة للشباب والرياضة لولاية الخرطوم الصادرة بتاريخ 28 / /1 /2008م من السيد رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لولاية الخرطوم، بموجب أحكام المادة (56) من قانون الشباب والرياضة لسنة 2007م والموقع عليها من السيد الوزير رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لولاية الخرطوم - وقتذاك- (3) لائحة تنظيم أعمال مفوضية تسجيل هيئات الشباب والرياضة لولاية الخرطوم الصادرة بتاريخ 17 / 2 /2008م من السيد رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لولاية الخرطوم بموجب أحكام المادة (56) من قانون الشباب والرياضة لسنة 2007م والموقع عليها من السيد الوزير رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة لولاية الخرطوم وقتذاك. (4) يستمر هذا التدرج التنازلي حتى يصل إلى النظام الأساسي لنادي الهلال لسنة 2008م الصادر بموجب المادة (24/2) من قانون الشباب والرياضة لولاية الخرطوم لسنة 2007م، والذي أجازته الجمعية العمومية للنادي، ومن ثم تم اعتماده بواسطة السيد مفوض تسجيل هيئات الشباب والرياضة لولاية الخرطوم بتاريخ 27 / 3 / 2008م. وأخيراً القرارات الفردية التي خولت هذه الأعمال بعض الأشخاص الطبيعيين في إصدارها. ويترتب على مبدأ تدرج القواعد القانونية أعلاه وجوب خضوع القاعدة الأدنى للقاعدة الأسمى من حيث الشكل والموضوع، أي صدورها من السلطة التي حددتها القاعدة الأسمى.. وباتباع الإجراءات التي بينتها، وأن تكون متفقة في مضمونها مع مضمون القاعدة الأعلى.. كما أن إجراءات وقرارات الجمعية العمومية للنادي لابد أن تكون تطبيقاً لقاعدة عامة ومجردة شُرّعت سلفاً لهذه الأغراض. أخيراً فإن الأعمال المادية التنفيذية (اجتماع الجمعية العمومية، الترشيح والانتخاب) يجب أن تكون تنفيذاً للقواعد العامة، أي أنه لا يجوز للجمعية العمومية عند تطبيقها للقاعدة العامة أن تلجأ إلى اتخاذ إجراءات لم ينص عليها في القانون أو اللائحة العامة أو اللائحة.. بل كان يجب عليها قبل إصدار تلك القرارات أن تصدر بياناً تعلن فيه أن الموضوعات المعروضة على الجمعية العمومية تندرج تحت القواعد القانونية وتخضع لأحكامها. لا شك أن هذا وحده هو الذي يكفل تحقيق المساواة والعدالة بين أعضاء الجمعية العمومية والمرشحين، كما أنه يكفل البناء القانوني للنادي.. وإذا انعدم مثل هذا الارتباط القانوني بين تلك القواعد القانونية التي يتكون منها النظام القانوني للنادي، بحيث يجب أن تندرج جميعها في نظام هرمي يسمو بعضه على البعض الآخر، وإلا انهار النظام القانوني وتفكك النادي. المحامي