استضفت في حلقة سابقة من برنامجي «من العمق» على فضائية الخرطوم د. معاذ شرفي اختصاصي الصحة النفسية للشباب والأطفال للتحدث عن القيم التربوية وأثرها في النشء.. والتي قدم فيها محاضرة قيمة وثرة استفدت منها أنا أولاً وكل الطاقم العامل في الحلقة.. وفضحت الحلقة كيف أننا فعلاً لا نجيد أصول التربية بمنهجية مؤسسة ومدروسة ولا نقدم القدوة الحسنة.. لأبنائنا.. ثم نطالبهم بأن يكونوا مثالاً ونموذجاً.. قال د. معاذ في هذا الشأن.. إن أحد الوالدين يكن بجوار مبرد الماء وينادي على ابنه ليجلب له كوب ماء.. «مثل هذا الفعل ينسف تماماً قيمة الاعتماد على الذات ويعلي من صوت الإتكالية». وقال إن الزوجين منذ البداية تقوم حياتهما على الصراع.. وأيهما الأقوى والذي سيفرض سلطانه.. حياة تقوم على الحسابات وليس مفهوم الشراكة.. مثل هكذا حياة لا يمكن أن تكِّون بيئة وتربة صالحة لتربية الأبناء.. قال باختصار إن العيب فينا نحن الآباء والأمهات.. ولا يمكن أن نحصد سوى ما نزرع!! لقد كشف «المعالج النفسي» تقصيرنا.. وقصورنا، وعزا التردي الاخلاقي وسوء السلوك وحتى تعاطي المخدرات المتزايد وسط الشباب للمشاكل الأسرية.. وارتفاع جدار الصمت داخل الأسرة.. والبون الشاسع الثقافي والفكري بيننا وبين الأبناء. إن البيت السوداني.. ومن بعده المجتمع يعيش أزمة كبيرة اسمها الانفلات الأخلاقي.. واستلاب الثقافة.. وتراجع القيم المطلقة من خير.. وجمال.. ووفاء.. وحب وكبت الأصالة والهوية السودانية قطار مسرع.. وهي تلوح قبل أن تختفي في متاهات ومحطات مجهولة.. الاسم والعنوان.. هناك.. هناك في آخر النفق اكسبريس.. بسرعة الصوت والضوء يسرع نحونا.. ليأخذ في جوفه أبناءنا دون أن نستطيع إيقافه.. أو الركوب فيه..!! ü زاوية أخيرة ختم د. معاذ شرفي حديثه عندما طلبت منه روشتة صغيرة بقوله «على كل أم أن تجتهد لتعرف كيف تربي.. بمشاهدة البرامج.. قراءة كتب التربية.. حضور المحاضرات وغيرها».. هل يا ترى يمكننا تطبيق هذه الروشتة على أرض الواقع؟!!