لست من الذين (يتطيرون) أو يعتقدون بالأشياء.. لأن التطير والاعتقاد قد يدخل الإنسان في أوهام كثيرة تجلب له ولغيره الضيق.. ولكن عامي 2012-2011 شهدا رحيل فناني بلادي المميزين المبدعين.. فقد رحل عنا العندليب الأسمر (زيدان إبراهيم) الذي صدح بصوته ردحاً من الزمان.. وأطرب جيله والأجيال من بعده.. أفرح الكثيرين بكلماته المعبرة.. تغنى للعاشقين وللمحبوب وللذين تألموا من (الغرام) ومن (الشجون).. ولم ينسَ الطفولة والأطفال.. فتغنى لهم ورحل بعد صراع مع المرض وخلف وراءه فراغاً وأعتقد أنه لم يأتِ من يقلده بصوته المميز.. ولم يفق الناس من وفاة العندليب إلا وجاء رحيل الإمبراطور المبدع ابن حلفا فنان الشعب (محمد وردي) الذي تغنى للوطن والوطنية ولامست كلماته مشاعر الشباب والشيوخ.. وتنقل بين جوانح البلاد يصدح ويطرب ويدغدغ بكلماته المشاعر والعواطف ويحركها مع نغماته الجميلة.. وهو أيضاً صارع المرض ردحاً من الزمان وفارقنا بكل هدوء.. وكانت الفاجعة على المستوى الفني والشعبي رحيل فنان الشباب ذي الصوت المميز الذي لم يمكث في الساحة الفنية إلا القليل.. وكأنه كان يعرف قدره تماماً.. رحل في أفجع حادث حركة وخلف وراءه جرحاً عميقاً.. إنه الصوت الشاب (نادر خضر) الذي كان رحيله مفاجئاً للكل. وأخيراً في بداية العام الجديد 2013م نسأل الله أن يكون خاتمة هؤلاء المبدعين رحيل فنان الشباب الأول دون منازع محمود عبد العزيز الذي تغنى (لدنيتنا الجميلة).. و(اداني التحية) و(الأهيف) و(قائد الأسطول) و(عدت سنة).. كان رحيله بطيئاً كأن نفسه تأبى أن ترحل عن جسده حتى لا يفزع معجبوه.. رحل (الحوت).. وأعمال الخير والإحسان التي قدمها تسبق سيرته العطرة.. لا أخفي سراً إذا قلت لست من معجبيه ولا كنت من الذين يستمعون له.. ولكن الحق يقال إن أفعاله الخيرة الكثيرة بحسب الراوين لقصصه جعلتنا نتعاطف معه ونرفع الأكف له بالدعاء حينما كان مريضاً والآن نرفعاً بالدعاء له بالمغفرة والرحمة.. ألا رحم الله كل المبدعين في بلادي. { مواصلات: حكى لنا زميلنا وأستاذنا الفاضل الولي الذي كان يودع (شقيقته) في مطار الخرطوم وهي تغادر إلى (جدة) أوصلها المطار ورجع قافلاً ليكابد معاناة المواصلات وزحمتها.. ولكن المضحك في الموضوع أنه ذكر لنا أنه وفي زحمة المواصلات وطرق الوصول إلى بيته اتصلت به (شقيقته) لتخبره بأنها وصلت (جدة) قبل أن يصل هو إلى (الثورة).. هي بالطيارة وهو بمواصلتنا التي يغني حالها عن سؤالها!!