(كثيرون حول االسلطة قليلون حول الوطن) .. المهاتما غاندي .. لفت انتباهنا خبران خطيران وردا في صحف الجمعة 11 يناير .. أولهما .. كان أحد العناوين الرئيسية لصحيفة آخر لحظة .. (البشير يتوعد بمنع الأحزاب المتعاملة مع التمرد من ممارسة العمل السياسي) .. وجدد تحذيره في اليوم التالي .. وثانيهما .. ورد بالصفحة الثالثة في نفس العدد .. (لجنة الإتصال بالحركات المسلحة تلتقي مساعد رئيس الجمهورية) .. إن الحديث عن منع الأحزاب من ممارسة العمل السياسي حديث قديم ومكرر لا معنى له ولا يجدي نفعاً .. و قد ألفناه كثيرًا في البيانات الأولى للإنقلابات العسكرية .. (حل جميع الأحزاب السياسية) عادةً ما يكون أول قرار يتخذه الإنقلابيون الذين دائماً ما ينسون أمرًا هاماً .. إن الأحزاب الساسية انما تستمد شرعيتها من عضويتها و ليس من قانون أو قرار تصدره سلطة حاكمة .. و لا تملك أي جهة أو سلطة في الكون حق حل أي حزب أو وقف نشاطه إلا عضويته .. ولم يحدث أن أُوقف حزب نشاطه في أحلك ظروف التسلط .. و هذا من البديهيات .. أن الأحزاب توجد قبل الأنظمة، ولا تتوقف عن نشاطها بأي قرار من سلطة حاكمة .. ان القوانين و الملاحقة وما إليها من أساليب تستخدم في تنفيذ مثل هذه القرارات لا تجدى نفعاً .. فتجربة الحزب الشيوعي السوداني في العمل السري لخير دليل .. كما أن التهديد والوعيد بمنع المعارضة السلمية من ممارسة العمل السياسي تزيد من أوار الصراع على السلطة .. وقد بدأ بالفعل توالي ردود الفعل المحمومة .. وسنسمع الكثير من الطرفين فيما هو مقبل من أيام .. إن اتصال الأحزاب بالحركات المتمردة والتعاون معها أمر حتمي مع تعنت السلطة ورفضها الحازم و المتكرر للحوار الجاد معها .. وإن كانت السلطة الحاكمة لا تفاوض إلا من يحمل السلاح كما ظلت تكرر دائماً فهذه دعوة غير رشيدة للأحزاب للذهاب أبعد من الإتصال و التعاون مع الحركات المتمردة مع تضاءل فرص المعارضة السلمية .. إنها دعوةٌ للأحزاب للتحول من التفاوض السلمي الى حمل السلاح إستجابةً للدعوة الكريمة الصادرة من السلطة .. وهي بالفعل ترفع شعار إسقاط النظام .. ولبعض هذه الأحزاب مليشياتها و سلاحها وخلاياها العسكرية .. و هم مجتمعين أكثر عددًا من من الحزب الحاكم .. و ليس في هذا خيرٌ للبلاد .. و ان كانت السلطة قد شكلت لجنة للإتصال و التحاور مع الحركات المتمردة فما الذي يمنع الاحزاب من القيام بذات الفعل .. و ما جدوى هذه اللجنة و الحركات المتمردة تعقد العهود و المواثيق مع أحزاب المعارضة لإسقاط النظام .. إن الحركات المتمردة التي نجحت في اجبار السلطة على الاتفاق معها و تقاسم السلطة ما زالت جيوشها وقواتها ترابط حاملة السلاح .. و كما قلنا ذات يوم من الشهر الماضي في هذه الصحيفة أن إستمرار و طول أمد الصراع حول السلطة إهدار للموارد و الوقت .. و في ظل الصراعات السياسية يصعب البناء و التنمية (في دي غلطان معاليك) .. يا سيادة الرئيس ..