جلس على كرسيه المكسور خلف طاولته الصغيرة المليئة بالأوراق والملفات،يتصفح صحيفته المفضلة،بعد أن تناول رشفة من ال(فرنسي)؛بحث عن قلمه ال(فرنسي) ليبدأ حل الكلمات المتقاطعة،فهي هواية ظل يجيدها منذ الصغر.. توقف عند كلمة (غير كافية..!) أفقيا ومن خمسة حروف..نظر نحو السقف مفكراً؛(غير كافية..!)ومن خمسة حروف،تلاشت حينها الخبرة والهواية لصاحبنا (فريني)،وصعبت عليه الكلمة،اتصل بزميله (نقدي) الذي يعمل ب(الحسابات)ليسأله عن (غير كافية)..؟! رد عليه (نقدي) بأنه الأن مشغول بالرواتب؛ولايملك وقتا كافيا لمساعدته في حل كلماته المتقاطعة... اتصل برقم زوجته (حروف) عبر جواله ال(صيني)؛ليسألها قائلاً:(من أربعة حروف..!) قبل أن يكمل سؤاله صرخت (حروف) :(سجمي يارااجل أربعة شنو..؟ عايز تعرس علي..؟ ووووب علي وووب علي..!!).. رد عليها (فريني):(يامرة انتي طرشتي ..؟عرس شنو،وكلام فارغ شنو..! هو الماهية بتكفيني نص الشهر عشان أفكر في مرة تانية..؟!)عندها صرخ (فريني) وهو يرمي هاتفه الصيني:(بس لقيتها .. ماهية من خمسة حروف.. بت ال.....،أها الليلة يا أنا يا الماهية دي..). جاءت الساعة الثانية والنصف ظهراً ليستعد صاحبنا (فريني) للحاق بالترحيل،وهو أمام باب المكتب ولم يستعد جيدا للخروج جاءه (منفلة) السائق الجديد قائلاً:(يازووول الترحيل معطل وشكلها العربية عايزة ليها إسبوعين تلاتة عشان تتصلح يعني لي نهاية الشهر كده؛عشان كده عليك الإستعانة ب(صديق).. وزاد (منفلة) قائلاً:(حقو تتوكل؛ومن هنا ودربك عديل على موقف (جرجر..!). إتصل(فريني)بصديقه (عبدالغني) ليسأله أن يمر عليه ليأخذه في(سكته)إذا كان موعد خروجه من عمله الخاص قبل صلاة العصر..وفعلا طلب(عبدالغني)منه أن ينتظره ساعة..ساعة ونصف وسيكون عنده... وجد صاحبنا (فريني) أن من الأفضل أن ينتظر مع ست الشاي (هبهانة)،ويشرب شاي (على بال مايصل) صديقه (عبدالغني) وبالمرة يكمل كلماته المتقاطعة..! أخرج صحيفته واضعا إياها في حجره وعلى شنطته البالية؛وبدأ الحل... وهو يصارع المربعات أفقيا ورأسياً،رن هاتفه ليجد (حروف) على الخط،وهي تقول:(أسمع ياراجل أنا ماشة ناس أمي عشان عرس أختي (سكر) خلاص فاضل ليهو كم يوم.. وجهزتا ليك ال(تبايخ) وال(ملاحات)،لأنو ماممكن زي الغريبة أمشي وأجيهم كل يوم،عشان كده حأقعد باقي الإسبوعين ده معاهم..) ردد (فريني) كلمة (خير خير)،ليغلق الخط وهو يمني النفس بليلة هادئة،دون إزعاج و(نقة).. جاء (عبدالغني) وصعد صاحبنا معه في السيارة،ووصلا سريعا للمنزل فاليوم السبت ونصف الخرطوم في(إجازة)،ليترك (عبدالغني) صديقه (فريني) أمام باب منزله ال(زنك)؛وهو يودعه..بدل (فريني) ملابسه،وذهب للمطبخ ليقوم بتسخين (حلة العدس) ،تناول سريعا وجبة الغداء،ليفتح صفحة الكلمات في صحيفته المفضلة ويواصل حل كلماتها.. إستوقفته كلمة (لإدارة المحركات والمولدات..!) رأسياً ومن خمسة حروف... جلس يفكر ماهي الكلمة..ماهي الكلمة..(منفلة) بس ياها ذاتها (منفلة).. أخذ (فريني) يكتب الحروف الخمسة لكلمة (منفلة)؛وقبل أن يكمل الحرف الخامس تذكر (منفلة) سائق ترحيل الشركة..وهو يقول له:(يازووول الترحيل معطل وشكلها العربية عايزة ليها إسبوعين تلاتة عشان تتصلح.. إسبوعين تلاتة.. يازوووووول إسبوعين تلاتاااااا...!) رمى (فريني) صحيفته وقلمه ال(فرنسي) بعيداً، وصوت (منفلة) يصرخ في أذنيه كأنه (أبوالزنان) (يازوووووول إسبوعين تلاتاااااا...!) ليخرج حقيبته ال(هاند باك) ويضع ملابسه وفرشة أسنانه داخلها؛ويخرج من منزله متوجها نحو شارع (الزلط)،ليجد جاره حاج (تمتام) واقفا في المحطة،فسلم عليه؛وصوت (منفلة) لايزال يصرخ في أذنيه ك(أبوالزنان) (يازوووووول إسبوعين تلاتاااااا...!)،فسأله الحاج (تمتام) :(يازول مسافر على وين..؟!) فرد (فريني) :(والله مامسافر ياحاج(تمتام)؛لكن (منفلة وماهية) ديل شكلهم حيجننوني،عشان كده ماشي أسكن في الشركة إسبوعين تلاتاااااا...!)