تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    السعودية: تدريبات جوية لمحاكاة ظروف الحرب الحديثة – صور    رونالدو يضع "شروطه" للبقاء مع النصر    مستشار قائد قوات الدعم السريع ينفي استهداف قواتهم بمسيرات لسجن مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان    الأمطار تؤجل مباراتي مجموعة المناقل وفوز عريض لهلال كريمة ببورتسودان    هدى عربي وعلي الشيخ    بعد أن تصدرت "الترند" وأنهالت عليها الإشادات.. تعرف على الأسباب التي دفعت الفنانة فهيمة عبد الله لتقديم التهنئة والمباركة لزوجها بعد خطوبته ورغبته في الزواج مرة أخرى    شاهد بالفيديو.. بعد أن قدمت له الدعوة لحضور حفلها الجماهيري.. الفنانة هدى عربي تتفاعل مع أغنيات الفنان علي الشيخ بالرقص أعلى المسرح    بعد أن تصدرت "الترند" وأنهالت عليها الإشادات.. تعرف على الأسباب التي دفعت الفنانة فهيمة عبد الله لتقديم التهنئة والمباركة لزوجها بعد خطوبته ورغبته في الزواج مرة أخرى    "نسرين" عجاج تهاجم شقيقتها الفنانة "نانسي": (الوالد تبرأ منك عام 2000 وأنتي بالتحديد بنت الكيزان وكانوا بفتحوا ليك التلفزيون تغني فيه من غير "طرحة" دوناً عن غيرك وتتذكري حفلة راس السنة 2018 في بورتسودان؟)    طاقم تحكيم سوداني يدير نهائي أبطال أفريقيا بين صن داونز الجنوب أفريقي وبيراميدز المصري    مناوي: نؤكد عزمنا على إجتثاث جذور هذه المليشيا الإرهابية    المريخ يستأنف تدريباته صباح الغد    ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية    الطاقة تبلِّغ جوبا بإغلاق وشيك لخط أنابيب النفط لهجمات الدعم السريع    الرياضيون يبدأون إعمار نادي المريخ بنقل الأنقاض والنفايات وإزالة الحشائش    الاعيسر .. ما جرى في سجن مدينة الأبيض جريمة حرب مكتملة الأركان تضاف إلى سجل الميليشيا وداعميها    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    محمد صلاح يواصل صناعة التاريخ بجائزة جديدة مع ليفربول    ((نواذيبو الموقعة الأكثر شراسة))    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    في عملية نوعية للجيش السوداني.. مقتل 76 ضابطاً من مليشيا الدعم السريع داخل فندق بمدينة نيالا وحملة اعتقالات واسعة طالت أفراداً بالمليشيا بتهمة الخيانة والتخابر    شاهد بالفيديو.. من عجائب "الدعامة".. قاموا باستجلاب سلم طائرة ووضعوه بأحد الشوارع بحي الأزهري بالخرطوم    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشر سنين... دارفور عافية
نشر في آخر لحظة يوم 06 - 03 - 2013

عشرة أعوام مرت من عمر الأزمة في إقليم دار فور، الذي قامت فيه ممالك وسلطنات شكلت مع أخريات الدولة السودانية بحدودها القديمة والجديدة، وأسهمت قبائلها برفد الثقافة السودانية من خلال الموروثات والعادات الخاصة بقبائل الإقليم، ورغم هذا الميراث والرصيد الضخم من مكنون التصالح والتسامح، صارت الأزمة في دارفور تأكل من هذا الرصيد بعد التدخل الدولي عبر مساراته الإنسانية والعسكرية، بالإضافة إلى التدخل الإعلامي وهجرة الفضاء التلفزيوني والميديا العالمية إلى الإقليم، فشكلت فيه مفاهيم جديدة، وتحالفت الميديا مع تجار الحرب كل يخدم الآخر لاستدامة الحرب وتحقيق أهداف استراتيجية وتكتيكية لإرهاق الدولة السودانية ونظامها الحاكم. وفي أعوام الأزمة هذه تغيرت مفاهيم في العقل السياسي الدارفوري وكذلك عامة أهل دارفور، وبرز جيل الأزمة مستعيناً ومسلحاً بأفكارٍ وأحلام تقفز عالياً لتحقيق مكاسب سياسية، لا تخدم قضيته بل تعمق جراح الإقليم وتدخله في دوائر الاستقطاب، الذي تحركه الولاءات القبلية، التي تعينه في البحث عن فعل سياسي، لتشكيل مواقف سياسية غير مألوفة في الإقليم.
وحينما نشب النزاع في دارفور بالهجوم على الفاشر في 25ابريل 2003 م، وبموجب ذلك توالدت الحركات المسلحة وأحالت الإقليم إلى ديار حرب استخدمت فيها الآلة العسكرية مرسلة إشارات تنبه العالم إلى ما يجري في دارفور من صراع، وصفته الآلة الإعلامية الغربية بأنه أسوأ كارثة إنسانية، وفتحت الأبواب والمطارات والمعابر والمنابر للمنظمات، فحملت الغوث المسموم عبر طائراتها، وقليل من الملائكة، وكثير من الجواسيس، الذين أسسوا قاعدة بيانات لكل المنطقة، وأرسلوا واردهم بدلوه، فانغمس في أغوار وتفاصيل الطبوغرافية الدارفورية، وحدد مكامن الانفجار المجتمعي، فأصبح يحرك الأحداث وفقاً لمعطيات الغوث المسموم كغطاء ناصع لعقلية الأشرار والخبثاء القادمين من وراء المحيط، والباحثين عن تمزيق دول العالم الثالث وعودة الاستعمار مرة أخرى وأهلنا في قبيلة الفور تحديداً يقرأون الواقع من تفاصيل الطبيعة، ويتعاملون معها ويفسرون بها الوقائع، ومثال لذلك فهم يرون أن الأزمات تجدد عليهم كل عشرة أعوام، ويستشهدون بأحداث 1980م التي انتفضت فيه دارفور عقب تعيين المرضي حاكماً للإقليم، وما شهدته المنطقة بعد ذلك من بروز الصراعات القبلية، وبيانات التجمع العربي وتنظيمات قريش ثم استعانة الحركة الشعبية بأبناء المنطقة أو ما يعرف بحركة بولاد 1992 _ 1993 ثم تمرد 2003م، كل هذه الأحداث لديها مقدمات متشابهة ومكررة تبدأ «الحرب أولها كلام» بين القبائل، ثم يتدخل الأجاويد لنزع فتيل الأزمة ببراعة وحكنه تفوق المحكم الدولي، ولكن بعد التغيير في المفاهيم ودخول المطامع السياسية والرقيب الدولي، أصبحت كل المشاكل في الإقليم ذات ظلال سياسية معقدة، أسهمت فيها المنظمات الأجنبية ومحور العداء الدولي للسودان، فأصبحت الأزمة تتبرعم وتتكاثر وتنتشر مثل السرطان، وتتجدد التحديات بتجدد دوافع صعود وهبوط مسببات النزاع والصراع، ومن المدهش أن الفور الذين يقطنون مناطق جبل مرة ووادي صالح الكبرى، لديهم اعتقاد جازم بأن كل المشكلات التي شهدتها دارفور تنتهي في منطقة وادي صالح، مثل ثورة علي دينار ونهاية بولاد، هروب عبد الواحد من منطقة «بلدة» بالقرب من جبال سندو وصراعات قبلية كثيرة انتهت في وادي صالح .ومع انتهاء العشرية الأولى من الأزمة، وكما هو معروف التدخل الدولي السافر، ودوره في إطالتها وتجدد سيناريوهات النزاع بخلفيات متعددة، واليوم تشهد دارفور نزاعاً جديداً وبرؤية مختلفة عن 2003م، حيث خرجت الحركات وتمردت على الدولة، وخاضت معارك من أجل السلطة والثروة، واصطحبت معها القبائل في المواجهة مع الدولة، وكان ما جرى في الإقليم من مشهد حربٍ لا تذر شيئاً إلا جعلته دماراً، والآن القبائل تتقاتل من أجل الأرض والذهب وأشياء، وتعجز الأجاويد المدربة على حل النزاعات منذ زمن طويل، والعجز مرده الى تغيير المفاهيم التي جرت مراسمها في العشرية المنصرمة من الأزمة التي أنتجت سماسرة الحرب الذين يقتاتون من النزاعات واستدامة التوتر في تحقيق أهدافهم والذين من خلفهم.
وهناك أحداث شهدتها دارفور في الأيام الماضية، مثل أحداث كتم، وجبل عامر، وعد الفرسان، وغيرها، أعادت للإقليم التوتر بعد انحسار نشاط الحركات المسلحة منذ زمن طويل، وأسهمت تلك الأحداث في خلق وضع غير مستقر، وضعها في دوائر تحليل الحالة الدارفورية وتتبع بوصلة الأحداث واتجاهاتها ومصائرها.
حافر وصهيل قامت الميديا العالمية ومنظمات الغوث الإنساني بأدوار في ظاهرها الغذاء والرحمة وفي باطنها سيناريوهات العذاب الطويل بصناعة الأزمات، خاصة المنظمات التي تحمل في أحشائها الإعلام والمخابرات فانغمسوا في دارفور وخبِرتهم وخبِروها، وجمعوا كل الأشياء وأدخلوها معامل إنتاج الأزمات وأصبحوا يحركون القبائل والأفراد في إثارة النزاعات، ومع هذا السرطان المنتشر لا تجد في صيدلياتنا إلا البندول، ويتورم الحال كل حين من الدهر، وينقل الإعلام السوداني الأحداث كما هي ولا يستطيع أن يغير من الحدث شيئاً، وتدور مطابعنا عاكسة واقعاً مخيفاً، ربما يتطابق مع نبوة الفور في تجدد عذابات أرصفة الحرب كل عشرة أعوام، لذلك لا بد للإعلام السوداني أن يلعب دوراً مهماً في تفريغ شحنات الغضب من الباحثين عن الذهب والأرض، في أزمنة تغيير مفاهيم السماحة والتصالح بين مكونات المجتمع الدارفوري.
وعلى الدولة مراجعة الأزمة خلال العشرية المنصرمة بمنهج التحليل والتقويم، لسد ثغرات المستقبل الذي بدأت عشريته الجديدة بقتال القبائل من أجل الذهب والحماقات، وشل الدولة وإدخالها في دوامة إطفاء الحرائق، وتكرار المناظر والقدلة وإحراق الأرض من جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.