الناظر إن وفاة محمود عبدالعزيز ورحيله عن هذه الدنيا الفانية لم تكن عحدثاً ابراً أو عادياً دون أن يحسه أو يلمسه، فالفنان الراحل محمود عبدالعزيز أعاد للموت وحشته وهيبته بعد كل تلك الأحزان التي خيمت بسوادها على الساحة الفنية، وعلى عشاق ومعجبي الفنان وعلى عشاق الفن السوداني الذي يحمل في ملامحه بصمة الماضي الأصيل، فقاعدته الجماهيرية العريضة التي ظلت تحتشد باستمرار وفاءاً لعطائه وإبداعه الفني الذي قدمه في حياته هي نفسها تلك القاعدة الجماهيرية العريضة، أيضاً التي احتشدت لتقول كلمتها في وداعه الأخير، وهو يوارى الثرى وفاء وحباً وتقديراً خاصة وأنه شغل تلك المساحات الفنية العريضة في حياته الحافلة بالعطاء الفني المتواصل، وكذلك يشغلها عقب رحيله الذي حمل كل ملامح الصور المفجعة والموجعة والصادقة، والتي تؤكد أن الفنان الراحل محمود عبدالعزيز بالفعل استطاع أن يرسم لنفسه طريقاً فنياً خاصاً به، له طعمه الخاص ورائحته المميزة ولونه الخاص فقط دون الآخرين من الأجيال السابقة واللاحقه، ومن جيله الذي نشأ معه. الفنان محمود عبدالعزيز... فنان ولد من رحم البساطة والمعاناة، ولذلك جاء عطاؤه الفني بسيطاً ومعبراً من خلال أعماله الفنية المتعددة التي حملت البساطة والحنين، ولم يسمع للأضواء وهو في فمه نجاحه بل شعت اليه الأضواء، وهو صاحب الحضور القوي في الساحة الفنية والجمهور القوي والشرس، بقوة صوته وحلاوة أدائه، وتميز ألحانه فهو نجم الحفلات العامة، وظل متربعاً على عرش الكاسيت منذو ظهور أول كاسيت له، وهو يحمل اسم خلي بالك ولدي محمود عبد العزيز29 شريطاً كاسيت وهو أعلى فنان سوداني لديه كاسيت في السوق ويليه الفنان عبدالكريم الكابلى 28 شريط كاسيت. أذكر أنا وزميلتى المعدة الشاطره رشا هاشم، وهي من أميز المعدات في بلادى، أعدت في رمضان حلقات مع محمود لقناة الشروق، وكأن رشا تعلم بأن محمود سوف يغادر هذه الدنيا لذا اشركت معه محمد خضر بشير الفنان والإنسان المتصوف والخلوق.،. وأحسب بأن محمد خضر بشير ظاهرة جديدة قادمة بقوة، فهو فنان بمعنى ما تحمل كلمة فنان، وصديق سرحان، والفنان محمود تاور، والفنان جمال فرفور، والفنان الهادى الجبل، وعزة داؤود، والبربرى، وكانت من امتع حلقات الشروق في رمضان، وشاهدنا كيف عاشت وعشنا مع رشا هذه الحلقات.. ولا أنسى حضور الأخ أسامة بابتسامته الجميلة الأنيقة والمخرج الجميل الذي أحبه محمود وأحبه... محمود عبدالعزيز صنع نفسه بنفسه وشقة طريقة الوعر بروح العناد والإلفة التامة بالنفس والموهبة المتوهجة والتي جعلت منه نجومية ساطعة باستمرار لا ينطفيء بريقها رغم محاولات اغتيال الابداع بداخله، ومحاولات إيجاد العقبات في طريقه الفني بمختلف وشتى الألوان.. أخيراً محمود عبدالعزيز هو إضافة حقيقية للأغنية السودانية الأصيلة المحافظة، فهو بالرغم من لونيته المتجددة وبعده الجديد الذي أضافه للأغنية السودانية الجميلة التي تعرض في قالب من الجمال والتطريب، وأكثر من ذلك فان الفنان محمود عبدالعزيز قدم للأغنيات الخالدة شيئاً من التميز والجودة، وحببها لجيله بعد أن قدمها بصورة جاذبة دون أن يخدش جمالها كما فعل ببعض المطربين. حزن الشباب عليه هذه ظاهرة ايجابية دون اختلاف مع بعض الاراء التى انتقدت ذلك، لأن كون بان هناك شعب يحب فنان بهذه الصورة هي رسالة محبة لكل العالم بأن شعب السودان شعب محب ومتسامح ويقدر المبدعين.. ألا رحم الله محمود عبدالعزيز وغفر له ذنوبه وجعلة في جنات النعيم.