مات المعلم وشاعر الوطنية والحب والجمال «محمد حمد الشلالي» يذكرني طلوع الشمس (شلالي) واذكره لكل غروب شمس.. حقاً أن الموت لنقاد.. على يديه جواهر يختار منها الجياد.. هكذا شاءت المقادير واقتضت إرادة الكون ونواميس الحياة، أن تتسارع خطى ذلك الجيل، جيل العمالقة والزمن الجميل، مهرولة الى رحاب ربها واحداً إثر الآخر، ليلحق بها مؤخراً عبقري الكلمة وشاعر الوطنية والحب والجمال المعلم ومربي الأجيال الراحل المقيم «محمد حمد الشلالي». أقول لك- يا أخي- وأنت في رحاب ربك هانئاً مطمئناً- بإذن الله- ما قاله «أمير الشعراء»أحمد شوقي في «بكائية» في رفيق دربه «شاعر النيل» حافظ ابراهيم، والقول أيضاً منطبق عليك: قد كنت أوثر أن تقول رثائي يا منصف الموتى من الأحياء لكن سبقت وكل طول سلامة قدر وكل منية بقضاء الحق نادى فاستجبت ولم تزل بالحق تحفل عند كل ندائي وددت لو اني فداك من الردى. والكاذبون المرجفون فدائي «السودان» يبكيه وتبكى «الضاد» من «حلب» من «الفيحاء» الى «صنعاء» جددت أسلوب «الوليد» ولفظه واتيت للدنيا بسحر «الطائي» خلفت في الدنيا بياناً خالداً.. وتركت أجيالاً من الأبناء وغداً سيذكرك الزمان ولم يزل للدهر إنصاف وحسن جزاء. تحزن قلوبنا وتدمع عيوننا، ولكننا اقتداء بسيد البرية - صلوات الله وسلامه عليه- وامتثالاً بقضاء الله وقدره لا نقول إلا ما يرضيه سبحانه وتعالى.. إن مكانك بيننا- يا أخي شلالي- سيظل شاغراًما حيينا، لأنك كنت كواسطة العقد لنا لما جبلت عليه من طيب الخلق، والأخلاق، ونقاء السريرة، وحميد المعشر والسيرة الطويلة. ومن مناشطك في العمل العام وخدمة الوطن، أن ولجت ميدان «التربية والتعليم» واوقفت له كل سني حياتك، ردحاً من الزمان طويل، عن إيمان وعقيدة ورغبة، فكنت خير «معلم» ومربٍ للأجيال في مختلف ضروب المعرفة والعلوم الإنسانية فابدعت فيها طبقت شهرتك الآفاق وسارت بها الركبان.. سبحانك اللهم خير «معلم».. علمت «بالقلم» القرون الأولى أرسلت «بالتوراة موسى» مرشداً.. وابن «البتول» فعلم الانجيلا وفجرت ينبوع البيان «محمداً».. فسقى الحديث وناول التنزيلا خضت بحور «السياسة» وتصدرت «منابر الإعلام» عن قناعة وثبات مبدأ، فكنت فارس الحوبة فيها. وهمت في دوح ورياض «الأدب» والقوافي وحدائق «الشعر» الجميل فكنت «أميرها» و«كنارها» الصداح و«عندليبها» و«بلبلها» الغريد. إن الجرح لعميق والمصاب أليم والفقد جسيم.. ولكن ماذا نفعل وماذا نقول؟ وهذه طبيعة الحياة وحالة الدنيا العبوس أم «بناين قش»، والتي وصفها بصدق «أبوالحسن الانباري» حين قال: دار متى ما اضحكت ابكت غداً.. تباً لها من دار طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقدار والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء«جذوة» نار يا «كوكباً» ما كان أقصر عمره وكذاك عمر كواكب الأسحار رحمك الله أخي «شلالي» رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. والهمنا وأسرتك المكلومة والوطن وعارفي فضلك الصبر الجميل والعزاء الحسن. عليك سلام الله أخي «شلالي». ورحمته ما شاء أن يترحما وما كان «شلالي» هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما. «إنا لله وإنا إليه راجعون»- صدق الله العظيم