أطلق رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير يد وزارة العدل لاتخاذ كافة الإجراءات القانونية والمحاسبية والتشريعات للحفاظ على المال العام بالبلاد. وفي الوقت ذاته طالب جميع أجهزة الدولة القومية والولائية بضرورة الالتزام بأحكام القانون من خلال التزامها بفتوى وزارة العدل، مؤكداً خلال مخاطبته أمس مؤتمر تطوير وإصلاح العمل القانوني بأجهزة الدولة القومية والولائية على حرص الدولة على المال العام الذي يخص المواطنين وعدم تسريبه لأي جهة غير مستحقة له، وطالب بمحاسبة وردع ومحاكمة الجهة، وقال نحن ندعو لنظافة اليد واللسان. وشدد رئيس الجمهورية على وزارة العدل للإسراع بالفصل في البلاغات والدعاوي التي ترفع في مواجهة المواطنين بواسطة مستشاريها وإزالة المظالم بالسرعة اللازمة، وحذر من تأخير الإجراءات في هذا الصدد وإبقاء الناس في الحراسات دون بينة وإيقاع الظلم عليهم. وأصدر أوامره بضرورة استقلالية المستشارين القانونيين من المؤسسات التي يقدمون لها الخدمة القانونية وعدم ربط مخصصاتهم المالية بها وإبعادهم من أي مؤثرات على مهامهم، ووجه في هذا الصدد بإنشاء صندوق بدعم من وزارة المالية لتحقيق الاستقلالية المالية للمستشارين، قبل أن يدعو إلى ضرورة انتشار المستشارين في كل أرجاء البلاد عبر النيابات حتى لا يحدث فراغ بالولايات والتي ألزم ولاتها بدعم النيابات بأن يتم إنشاء نيابة في كل محلية. وقطع لهم بأن عدم دعمها يؤدي إلى الظلم باعتبار أن المسؤولية ملقاة على عاتقهم بعدما قسمت السلطات، وأضاف «ربنا لمن يسألنا نقول نحن فوضنا الولايات». وطلب البشير من المؤتمرين مراجعة القوانين والتشريعات وإصلاحها على المستوى القومي والولائي ومنع تضارب التشريعات والتنازع بين مستويات الحكم المختلفة، وطالب قيادات الخدمة المدنية أن تكون قدوة لمرؤسيها ومحاسبة من يقصر في أدائه وتحفيز من يجيد، وكذلك بالنسبة للمستشارين بأن تفعّل وزارة العدل القوانين واللوائح في مجال المحاسبة حتى لا يكون بينهم من يسيء إلى المهنة ويتقاعس عن أداء الواجب. وثمن البشير جهود وزارة العدل في الدفاع عن السودان بالقانون وإخراجه من دائرة المراقبة في مجال حقوق الإنسان إلى التعاون، لافتاً إلى أن السودان ظل في موضع الإدانة من قبل جهات خارجية في إطار عمل سياسي وليس قانوني، وصدّق الرئيس عدد «005» وظيفة لوزارة العدل. وكشف مولانا محمد بشارة دوسة وزير العدل عن معوق أساسي يواجه المدعي العام لجرائم دارفور يتمثل في عدم إمكانية القبض على المتهمين بتلك المناطق بإجراءت الشرطة العادية، والتمس من رئيس الجمهورية إصدار قرار بإنشاء قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية المختلفة يوكل لها مهام تنفيذ القبض، وتكون تحت إمرة المدعي العام لإكمال بسط هيبة الدولة. وأعلن عن تقديم «04» بلاغاً من قبل مدعي جرائم دارفور مولانا ياسر أحمد محمد للمحاكم وصدرت أحكام في بعضها. وقال في كلمته مخاطباً الحاضرين ببرج العدل من رئيس القضاء والمحكمة الدستورية والوزراء وولاة الولايات، إن المؤتمر تزداد أهميته والبلاد تشهد مرحلة مهمة لنبذ العنف والتطبيع مع كافة دول الجوار ومع دولة جنوب السودان والسعي لوضع دستور جديد بالتوافق مع كل مكونات الشعب السوداني، ويتطلب ذلك عملاً تشريعياً كبيراً لإزالة أي تعارض في النصوص والأحكام بين التشريعات الولائية والقومية، مبيناً أن الانتشار القانوني لا يتم إلا بوضع مستشار قانوني في كل محلية لتحقيق الهدف الإستراتيجي الكامل لوزارته لفصل العمل الجنائي عن المدني وإنشاء نيابة بكل محلية من محليات السودان. ونوه إلى أن وزارة العدل فعلت قانون مكافحة الثراء الحرام وإقرار الذمة وفحصها عبر اللجنة التي كونت بأوامر من رئيس الجمهورية، كاشفاً عن تشكيل محاكم إضافية متخصصة لقضايا المال العام ووافق رئيس القضاء على تكوينها على مستوى المركز والولايات، تهدف إلى سرعة الفصل في قضايا المال العام. وأشار دوسة إلى أن نيابة المال العام فتحت وتابعت «08» بلاغاً صدرت أحكاماً في عدد منها. وذكر أن مشروعات القوانين المقدمة لوزارته مؤخراً «09» قانوناً، لافتاً إلى أن قضية العقود ترتبط بالمال العام ولا بد من ضمانات لصون المال بحماية العقود الحكومية من الضعف وتكون بمتابعة المستشارين القانونيين، قاطعاً بمراجعة أداء جميع المستشارين ليكونوا سيفاً على الظالم وليس المظلوم على حد تعبيره، داعياً إلى ضرورة خلق شراكة مع الولايات لإيجاد مقار لنيابات، وناشد رئيس الجمهورية بفتح ملحقات قانونية بالسفارات بالتنسيق مع وزارة الخارجية. ومن جهته تعهد مولانا عصام الدين عبد القادر وكيل وزارة العدل رئيس اللجنة العليا للمؤتمر بالتزام جميع منسوبي وزارة العدل ببسط العدل وسيادة حكم القانون بالبلاد في إطار شراكة بين الوزارة وقادة العمل في الأجهزة التنفيذية الأخرى لبسط العدل وحماية المال العام. وناقش المؤتمر الذي استمرت جلساته حتى مساء أمس ثلاث أوراق عمل الأولى عن التشريع في ظل الحكم اللامركزي، والثانية عن المستشار العام وتعزيز سيادة حكم القانون والأجهزة النيابية العامة ودورها في تحقيق العدالة الجنائية، وخرج بجملة من التوصيات والقرارات لتطوير وإصلاح العمل القانوي بالبلاد.