مولانا وشيخنا الكاروري.. مرة أخرى لك التحايا والتوقير والاحترام.. وقبل كل ذلك الود والسلام.. وما زلنا نجلس أمامك.. على البساط.. أو «الإكليم» وأنت في كرسي عالٍ يليق بالعلماء.. ليتدفق العلم والأحكام من علِ لتصب في عقولنا وقلوبنا ويبحر زورقنا.. وكلماتك في الجمعة تلك من منبرك ذاك تتردد في فضاء عقولنا وأنت تعلمنا كيف هي المنابر منائر وكشافات من ضياء تهدي الناس وترشدهم إلى سواء السبيل.. تأخذ بيدي.. لتعلمني كيف كان الأزهر قبلةً لسبعين دولة اسلامية إبان عصر الخلافة العثمانية يلتمس فيها الحكام رأي الأزهر.. وأمر الأزهر وتفصيل الأزهر وتوجيه الأزهر لهؤلاء الحكام.. عن كيفية حكم الرعية.. وإدارة الدولة.. ديناً واقتصاداً واجتماعاً وسياسةً.. تقدم لنا تلك المرافعة البليغة رداً على استنكارنا لما كنا نراه تدخلاً من عالم في شأن سياسي أو أمني.. ونفهم كل الذي ورد في تلك الخطبة المحاضرة.. نؤمن عليها تماماً.. ونزيدك علماً.. إن كان جائزاً لأحد الحرافيش أو الدهماء أو العوام من الرعية أن يخاطب أو يزيد من كان مثلك علماً.. ولكنها سماحة الإسلام الذي يحفظ في «بطن» قارورة عطره القدسي البهيج.. شذى تكتبه الروائح العطرية بأن «إمرأة» من غمار المسلمين.. جادلت عمربن الخطابً.. أو حاججت عمرً بكلمات تامات من كلام الله الذي أنزله على عبده ورسوله.. وتلت عليه آية اطلقت المهور التي لا تعرف له عداً ولا حدوداً.. ثم «نتكرف» عطر القارورة عندما تضوع بعبق حديث الفاروق «أصابت إمرأة وأخطأ عمر».. الآن فقط يحق لي أن أزيدك علماً.. بأننا نعلم إن المنابر كانت هي الأماكن التي حكم منها كل الخلفاء الراشدين الرعية.. وواصلت تلك المنابر دورها الديني والسياسي في كل تلك العصور والدهور لأن الحكم كان يستظل برايات شرع الله.. ومن للافتاء بشرع الله غير العلماء. والآن يا مولانا.. نحن معك.. قلباً وقالباً في تدخلك ذاك.. بل نأمل أن تواصل ترفيع وتعظيم دور المنابر في تلك العهود القدسية.. وأن تبدأ من آخر نقطة انتهى عليها الأزهر..كل الذي نرجوه أن تستدير وجهة وقفتك تلك التي أبداً كانت في وجه الرعية.. تبصيراً وتحذيراً.. وتصويباً.. وتعليماً وتفقيهاً.. شجباً وإدانةً.. أو إشادةً ومدحاً.. الآن نرجو منك وأنت تملك فرصة ماسية.. كونك إمام مسجد تنقل منه وسائل الاتصال الحكومية الواسعة الانتشار خطبك لتدخل كل بيت.. طبعاً مسجد الشهيد.. والوجه الآخر من الفرصة الماسية أن مسجدك هذا يؤمه الساسة والقادة والرؤساءُ والمسؤولون الذين يديرون الشأن في البلاد..نأمل أن نستمع إليك في خطب الجمعة حديثاً مباشراً وفي وجوه هؤلاء المصلين المسؤولين.. نقداً لاذعاً وهجوماً كاسحاً.. على القروض الربوية التي لا تجوز للأفراد ناهيك عن الدول والتي دخلت البلاد علناً وعلى رؤوس الاشهاد وليس خلسةً ولا خفيةً ولا في جنح الظلام..نأمل أن تسأل هؤلاء المسؤولين الذين يستمعون إليك وأنت على المنبر.. اسألهم يا مولانا.. لماذا أنتم في كامل الصحة والرواء وسلامة في الأبدان.. وشعبكم أو قل معظم شعبكم.. يطحنه الغلاء.. وتعري جلده السقام.. وعز عليه الطعام.. أسألهم لماذا أنتم ترفلون في «الجلاليب» البيضاء التي تعلن الترف والعز وشعبكم تكاد لا تستر عورته تلك الأسمال المهترئة البالية.. أسألهم أو حدثهم عن الشبع والجوع.. عن تخمتهم والمبيت على الطوى لمعظم أمتهم.. حدثهم وقل لهم إنه إذا مات أحد في مدينته من الجوع.. وجبت على المدينة ديته.. ونحدثك «بكرة» الحديث الأخير.. لك الود يا مولانا