عندما قامت ثورة مايو 1969م كان السودان في تلك الفترة خاوياً من أي نوع من التنمية، وكان يرزح تحت وطأة الفقر والجوع والجهل والعطش. لم تضف له الأحزاب والطائفية أي شكل من أشكال التنمية وكان يُسمى في تلك الفترة قبل مايو رجل أفريقيا المريض، وكان السودان منعزلاً عن بعضه البعض بين أقاليمه ومدنه بسبب وعورة الطرق، ولاسيما في فترة الخريف يتوقف التواصل تماماً وكان السفر داخل السودان شبه مستحيل وفيه مغامرة وعذاب شديد. كما كانت الحرب في جنوب السودان على أشدها تحصد أبناء الوطن الواحد من الجانبين فكانت النتيجة الانهيار شبه الكامل لبلد أصبح ممزقاً، كما كانت الطائفية في تلك الفترة في سبات عميق لاتفكر في نوع من التنمية لإنقاذ إنسان السودان أو وقف الحروب وجعل السودان دولة لها وزنها حتى في الوطن العربي، علماً بأننا كنا من أوائل الدول التي نالت استقلالها في الوطن العربي وأفريقيا. هكذا كان حال السودان مقسماً لتسع مديريات يُحكم من الخرطوم مركزياً ولا حياة لمن تنادي في وطن مترامي الأطراف والكل يعمل على هواه. جاءت ثورة مايو بقيادة جعفر النميري بفكر ورؤيا واضحة وثاقبة لحال السودان وظروفه الداخلية والخارجية فكانت أول خطوة أقدمت عليها ثورة مايو بعد شهرين من قيامها بيان عملي ووطني صادق لحل مشكلة الجنوب ثم توالت الإنجازات فكانت الخطوة التالية لمحاربة العطش والجهل فأقامت ثورة مايو المدارس في مناطق تعتبر نائية لا يعرف قاطنوها حتى معنى كلمة تعليم، فبدأت بالصغار والكبار من الرجال والنساء لمحو أميتهم كما تغيرت ظروف المعيشة للإنسان السوداني عندما بدأت عجلة التنمية تدور في كل أرجاء البلاد. ورُبط السودان بالطرق البرية الطويلة وأصبح أهل السودان يتواصلون من الشرق إلى الغرب بفضل الطرق المسفلته في سويعات قليلة ثم توقفت الحرب في الجنوب وبدأت التنمية وفُتحت المدارس و شملت كل مراحل التعليم حتى الجامعي، وعاش الجنوب حياة استقرار ورفاهية كما ارتوى إنسان الغرب من عطشه، وبدأت الصناعة تأخذ طريقها لكل مدن السودان بداية من صناعة السكر الذي كان سلعة صعبة المنال لكثير من الناس إلى سلعة في متناول يد الجميع ثم التفت القائد نميري للزراعة وأهَّل مشاريع كانت آيلة للانهيار، وبنى مشروع الرهد العملاق الذي يضاهي مشروع الجزيرة الأسطوري الذي بناه المستعمر، كما استخرج أول قطرة بترول ليعلن عن بداية عهد جديد للسودان ووضع خريطة واضحة المعالم لمواطن البترول ليسهل الطريق لمن يأتي من بعده لأن المؤامرات وسطوة أمريكا والطائفية وصلت إلى درجة رفع السلاح والاقتتال للنيل من مايو وقائدها لوقف مسيرة الثورة ولشعورهم بخطورة هذا التقدم الذي أحرزته مايو في فترة وجيزة، وكان هم القائد نميري وهدفه هو رفع الإنسان السوداني والسودان لمصاف العالم المتحضر وتطوير الدولة بأحدث أساليب الحكم لبلد مترامي الأطراف، فكان الحكم الشعبي المحلي والحكم الإقليمي وتطبيق اللامركزية، ثم أعاد الهوية للوطن الحبيب بتطبيق شرع الله في السودان الذي لم يسبقه عليه أحد في الوطن العربي، فكانت إنجازاته قد تجاوزت حدود السودان، قام بزرع آلاف الأشجار في أرض عرفة ليستظل بها ضيوف الرحمن، فكانت هذه الإنجازات وهذا قليل من كثير، وقد وضعت السودان في حجمه ووزنه السياسي والاستراتيجي والحقيقي بعد أن كان رجل أفريقيا المريض. فأصبح السودان مارداً قوياً يخيف أعداءه ولفت أنظار العالم نحوه لأن ما وضعه القائد لكيفية حكم السودان قام على أسس صحيحة ولم يستطع أحد من بعده تغيير أي شئ فيه رغم تعاقب الحكومات من بعده. أردت أن أبدأ بهذه المقدمة لإنجازات هذا القائد لأدلف في صلب الموضوع لهذا المقال. 1 لقد فوجئنا ذات صباح في الشارع أمام منزل الرئيس السابق نميري رحمه الله بيافطة محطة بص مكتوب عليها محطة نميري ؟؟! فلا ندري من هي الجهة التي اقترحت اسم المحطة أو الجهة المنفذة لذلك، فإننا نتساءل ونسأل هذه الجهة التي قامت بذلك هل هي تريد تكريم نميري بهذه اليافطة أم العكس!! لذا نرجو وإكراماً لهذا القائد وتاريخه إزالة هذه اليافطة إذا قصد بها التكريم ،لأنها إجحاف في حقه وتاريخه وما قدمه لهذا الوطن العزيز. 2 من أراد تكريم هذا القائد أن يضع النقاط فوق الحروف صحيحة ويعطي كل ذي حق حقه بأن تعاد كل المواقع والإنجازات لهذا القائد التي كانت باسمه بوضعها السابق كما فعل الرجل القامة والقائد الفريق عبد الرحيم حسين وأعاد اسم أكاديمية نميري العسكرية لوضعها السابق، وسوف لن ينسى لهذا القائد قراره الشجاع وهذا الإنصاف لنميري، فسوف يذكر له التاريخ بالمثل إنجازاته إن شاء الله، فأرجو من القائمين بحفظ تاريخ هذا الوطن أن يحذو حذو السيد وزير الدفاع حتى يكون ببلادنا تاريخ غير مشوش للأجيال، ليكون تاريخنا واضحاً للأجيال منذ عهد الإهرامات بالبجراوية وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. مع خالص الشكر والتقدير