ترتكز فلسفة منظمات المجتمع المدني على عدة محاور هامة هي التفاني في خدمة المجتمع ،بقناعات ذاتية ينتفي فيها الغرض والاستحواذ الأُسري والجهوي والعرقي والعقائدي، وبهذه المحاور التي تشوبها الشفافية المطلقة يبرز دور منظمات المجتمع المدني المتنامي خاصةً، وأن هذه المنظمات قد أتخذت شكلاً تنظيمياً مكملاً للجهد الرسمي الذي يعمل في المجال الإنساني وأكثر من ذلك ،فقد أصبح الجهد الرسمي يعتمد اعتماداًَ كاملاً علي منظمات المجتمع المدني في الوصول إلى المجتمع بديناميكية يتجاوز سقفها التعقيدات البيروقراطية ،فضلاً عن أن منظمات المجتمع المدني قد نجحت في مليء الفراغ بين الفرد والدولة محققة بذلك مصالح الإنسان أينما كان.. ملتزمة في ذلك بقيم ومعايير الاحترام الفكري، والتمسك بأدب الحوار ومن ثم تبرز ايضاً شراكة منظمات المجتمع المدني في الرقابة وصناعة القرار كإستحقاق ضروي بين الدولة والمجتمع. تمثل منظمات المجتمع المدني قاعدة واسعة من الجمعيات والاتحادات، والروابط والنقابات والأحزاب والمؤسسات الدينية ،والتعاونيات وبذلك فهي تكون نسيجاً متكاملاً لكافة القطاعات الاجتماعية والانسانية وهذا مايؤهلها لقيادة المجتمع والوصل به إلي الغايات السامية التي ينبغي التبشير والترويج لها. طافت هذه المعاني السامية بخاطري وأنا أشارك الحضور الكريم بحدائق المجلس السوداني للجمعيات الطوعية ،«اسكوفا»الذي كان قد وجه الدعوة لعضويته من منظمات المجتمع المدني لإفطار رمضاني جماعي كان في غاية الأناقة والسماحة ومشاعر الود الرحيب، ومما زاد الحضور بهجة وبركة ومودة في هذا الشهر الكريم هو انتقال الأستاذ ابراهيم محمد ابراهيم مدير المكتب التنفيذي للمجلس من مائدة إلي أخرى ،وهو ينثر بين الحضور اشراقاته ودعاباته الساخرة ، وابراهيم كان قد أشتهر بين المنظمات باسم (ابراهيم اسكوفا) وابراهيم لم يكتسب هذا الاسم صدفة أو مجاملة وإنما أكتسبه بعشقه للعمل الطوعي وولعه الشديد باسكوفا وعضوية اسكوفا ومبادئ وأهداف اسكوفا التي جعلت من منظمات المجتمع المدني الآن في البلاد قدرات هائلة ،وموصلاً جيداً لكهربية العلاقة بين الجهد الرسمي الممثل في وزارة الشئون الإنسانية والجهد الشعبي الممثل في منظمات المجتمع المدني بقيادة المجلس السوداني للجمعيات الطوعية (اسكوفا) وكان لهذا الجسم المعافي ألا يكون إلا بالجهود الخارقة التي ظل يبذلها قائد مسيرتها وربان سفينتها الماهر الأستاذ ابراهيم محمد ابراهيم وأركان حربه بالمجلس وفي مقدمتهم الاستاذ الجليل علي العطا هذا الإنسان الشاهق المتدفق عطاءً مستداماً وكذلك اسهامات صديق (اسكوفا) الوفي الاستاذ عمر عثمان الخبير الوطني في مجال العمل الطوعي. التحية لهذا الرجل المعطاء علي العطاء والتحية موصولة من قبل ومن بعد لشيخ العرب (ابراهيم اسكوفا) الذي ظل يؤكد فينا كل يوم، بل كل لحظة إحساس النبل وشرف الإنتماء لمنظمات المجتمع المدني التي أصبحت الآن ملء السمع والبصر لا بالشيفونية والاعلام الباذخ وإنما بالعمل الدؤوب والايمان وشرف الانتماء والانفعال بكافة القضايا الاجتماعية والانسانية والوطنية ولعل أبرز دليل علي ذلك هو ذلك التحالف الجديد لمنظمات المجتمع المدني الذي تشكل في الفترة القريبة الماضية وقد ضم كبداية له (700) منظمة باسم (قوس قزح) والهدف الاساسي لهذا التحالف هو اجراء الإستفتاء المرتقب بحرية ونزاهة وشفافية مطلقة والعمل علي بسط الثقافة الوحدوية وتبصير المواطن الجنوبي بخطورة الانفصال لاقدر الله وكان الاستاذ محمد شنقر السماني رئيس التحالف الذي كان بين الحضور قد أوضح في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمنبر المركز السوداني للخدمات الصحفية أن التحالف قد أصدر مبادرته هذه كضرورة حتمية لمقتضيات المنعطف التاريخي الذي تمر به البلاد وكذلك واجب الانفعال الوطني والقومي الذي تحمله منظمات المجتمع المدني علي عاتقها بتبصير أهل الجنوب بحقوقهم ،وتفعيل مشاركتهم الشعبية وتهيئة المناخات القبلية والبعدية للاستفتاء وكان الدكتور حاج حمد مسؤول الرقابة بالتحالف قد أكد أن الاستفتاء يمثل قضية استراتيجية وقومية تتطلب التوعية والتعريف بأهمية السيادة وتعزيز أسس الوحدة والسلام ،الذي وضعته إتفاقية نيفاشا ودعا الدكتور حاج حمد الدولة إلى أن تتفاعل مع هذا التحالف بتوفير التمويل اللازم للتوعية والتثقيف والرقابة وفي السياق نفسه دعا الأستاذ عبدالعاطي عبدالخير مسؤل البرامج بالتحالف كافة الشبكات التي تتكون من منظمات المجتمع المدني العاملة في الشمال والجنوب ودارفور بل كافة شرائح المجتمع للانضمام لمبادرة التحالف لتوفير الضمانة لشفافية ونزاهة الاستفتاء بعيداً عن المحورية وفور صدور هذه الدعوة كان للمجلس السوداني للجمعيات الطوعية( اسكوفا) وبثقله المعروف المستمد من قاعدته العريضة لعضويته شرف المبادرة والمشاركة وقد أكد الاستاذ ابراهيم محمد ابراهيم مدير (اسكوفا) هذه المشاركة خلال أحاديثه التي أدلي بها لوسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وعلي ذكر اسكوفا مرة أخري كان لابد من الاشارة للجهد العظيم والمتعاظم الذي يقوم به المجلس كعمل دوري وهو اصدار دليل للمنظمات بين فترة وأخرى وكان المجلس قد فرغ مؤخراً من اصدار دليل المنظمات لعام 2010م وقد درج المجلس علي اصدار هذا الدليل كل عامين او اكثر قليلاً لتوضيح المتغيرات التي يمكن أن تطرأ علي ساحة العمل الطوعي والمنظمات، والشاهد أن المجلس يعقد أملاً كبيراً في أن يؤدي هذه الدليل رسالته في تعريف المنظمات بعضها البعض ،وتوفير أكبر قدر من المعلومات الحديثة عن المنظمات بمايمكن من سهولة الحصول علي المعلومات دون عناء.ولعل الانجاز الباهر الذي حققه المجلس أنه وبعد طرد المنظمات الاجنبية المشبوهة وإعلان السيد رئيس الجمهورية لسودنة المنظمات هو دعوة المجلس لها لتتحمل ثقل سد الفجوة الناجمة عن طرد تلك المنظمات الاجنبية المشبوهة وقد تصدي المجلس لهذه المهمة الصعبة وأرسل وفداً منه طاف بولايات دارفور الثلاث حيث وقف المجلس علي حجم الاحتياجات مبدئياً وتحديد مكامن الفجوة ،وتحديد مطلوبات سدها لامكانية تغطيتها عبر قاعدته من المنظمات الطوعية التي تشكل قاعدته. كما كان المجلس قد شكل لجنة عليا ظلت تتابع عمل المنظمات الوطنية العاملة بالولايات الثلاث بدارفور ويوالي المجلس حالياً جهوده نحو تعزيز خيار الوحدة ،وشفافية الاستفتاء المرتقب الذي سيشكل مرحلة مفصلية في تاريخ الأمة السودانية.