صبيحة الثلاثاء 23 ابريل تبدأ جولة التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال ، وتأتي هذه الجولة بعد تمرد عقار وانهيار اتفاقه مع الحكومة (نافع/ عقار) ، وتبادل الطرفين زخات (الكاتوشيا) عنوان للعلاقة الجديدة بينهما بعد هدنة (نيفاشا) ، حيث أحالت تلك العلاقة منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إلي «أرض حرب» خلّفت حالةً من عدم الاستقرار تأثيرها الأقوى في جنوب كردفان . ورغم أن التفاوض بين الحكومة وقطاع الشمال تتحكم فيه طبيعة المناخ السياسي بينهما والذي تسود فيه مطبات جوية «طقس غائم يحجب رؤية تحليل النهايات السعيدة » والهبوط الناعم ) على مسرح أرض التفاوض) التي تتداخل فيها الرؤى وأصحابها فمنهم الأيدولوجي الجهوي والعرقي و....... ومن المطبات التي توثر علي التفاوض هو اختيار ياسر عرمان لقيادة وفد تفاوض قطاع الشمال، وهنا أشير إلي أن القطاع أراد أن يرسل رسالةً من فقرتين إلي الموتمر الوطني: الأولي البعد النفسي وإرباك عملية التفاوض لعلمهم أن المؤتمر الوطني يتشاءم من عرمان ويعده (عرّاب الفتن ما ظهر منها وما بطن)، أما الثانية ندية القطاع للحكومة وحزبها بأن التفاوض يشمل قضايا قومية تتجاوز المنطقتين ، ومن هنا قد ترجع بنا طائرات التفاوض إلي مطارات الانطلاق وتعذر الوصول بسبب سوء الأحوال في جو التفاوض ، ومن أكثر القضايا والإشكالات التي تواجه عملية التفاوض هي القفز العالي من قضايا المنطقتين، وأي محاولة للقطاع بالقفز هذا تنهار المفاوضات وهي لا تحتاج إلي محلّل بارع ليؤكد فرضية الانهيار إذا حاول «إخوة عرمان» الخروج من الطريق الذي يؤدي إلي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ومن القضايا المطروحة على الطاولة الوضع الإنساني والسماح بإيصال الغوث إلي المناطق التي تأثرت بالحرب ، ووقف إطلاق النار بين الطرفين و بهما يتم ختم جولة التفاوض 23إلي 27 أبريل ، وهي استكشافية يقودها البروف غندور وعرمان وينظر إليهما الشعب السوداني عامةً وأهل جنوب كردفان والنيل الأزرق بتوتر لإنهاء الأزمة في المنطقتين ، ورغم أن أجندة الجولة الاستكشافية هذه إذا اتفق الطرفان عليها ربما تنهي الأزمة برمتها وتبقى أجندة الحكم والمشاركة وبقايا مما ترك (آل نيفاشا) من قضايا ومسارات وسنن، ووقف إطلاق النار يجعل طرفي التفاوض يفكرون بدون سماع صوت البندقية التي تحدث تشويشاً في مسيرة الودّ والتراضي بين الفرقاء. أما الوضع الإنساني فهو مهم وفيه وجهان للعلة كما الخمرة ضررها أكثر من نفعها، وتأثير المنظمات العاملة في الغوث الإنساني على منطقة النزاع في أحيان كثيرة يأتي بتغييرات سلبية على المجتمع كما حدث في دارفور ويحدث الآن، والحديث عن الوضع الإنساني يقود إلي مناقشة النازحين في المنطقتين ومن توفير الاحتياجات الضرورية للحياة(الغذاء والمأوى)... حافر وصهيل بعد أن حسم المؤتمر الوطني معضلة الألسن المتعددة في خطابه الإعلامي، وحسناً قال متحدثه ياسر يوسف بأن المؤتمر الوطني سوف يحاور القطاع حتى ولوكان على رأسه عرمان، وهي نظرة تبطل سحر القطاع بعد أن حشدوا السحرة من كل فج .. ولكن المؤتمر الوطني ألقى عصاه وأرسل غندور يحمل راية التفاوض بهدوء طبيب الأسنان ليخلع ما زرعه قطاع الشمال من حبال وثعابين في أرض الجبال، وغندور لم يكن متوقعاً من قبل لهذه المفاوضات ، ولكن ربما نجح المؤتمر الوطني باختياره، لأن الملف يحتاج إلي نفس عميق ومفاوض خبير بالأفواه والأسنان ، في تحديد ابتسامة النصر من المكر إلي الرضا. أصبح التفاوض مع القطاع واقعا،ًًً وقيادة عرمان للتفاوض أيضاًُ واقعُ وقبل المؤتمر الوطني بذلك، وهنا تعدّت المفاوضات مسافة 25% من مساحة التفاوض «وكسر قرن الشيطان»، ولم يتبق إلّا الأمل في الخروج بنتائج توقف نزيف الحرب والاقتتال، رغم أن القطاع قذف بعرمان في جوف التفاوض حتى يحرج الحكومة والمؤتمر الوطني برفض رئاسة عرمان للتفاوض .. لكن أهل المؤتمرقالوا إن القطاع له الحق في أن يختار من يشاء أما نحن فإن المنطقتين تشكلان ساحة حوار ونحن ننتظر «يوم الزينة» في أديس، وقد حٌشرالناس ضحي، وغندور وعرمان كل يقولو للآخر:(أرم) .. ولا ندري أيهما تلقف عصاه فعل السحرة!!!