إحساس مختلف ظل يلازمني طوال يوم أمس، فقد سمعت بالهجوم الذي شنته قوات الجبهة الثورية على مدينة أم روابة وما حولها.. فقد كنت أعيش إحساس أهلنا هناك خاصة النساء والأطفال.. الذين لا ذنب لهم ولا دخل لهم في الحروب ولا مطالب المتمردين ولا قرارات الحكومة، فهم يعيشون عيشة البسطاء راضون بما قسمه الله لهم.. وقد كانوا ينظرون لغدٍ مشرق يحدوهم الأمل فيه خاصة بعد أن أرهقتهم مشاكل الحياة ومصاعبها.. إذن سادتي الإعتداء على أم روابة أمر خطير، فهي مدينة ظلت آمنة ولم تتعرض لهجمات الحركات المسلحة، لذا تعتبر المنطقة الآمنة لرؤوس الأموال ومسقط رأس كثير من أبناء هذا البلد على اختلاف إتجاهاته، فهي مدينة مثل أية مدينة هادئة في شمال كردفان، وإذا كانت الجبهة الثورية تستهدف المدن السودانية حتى تعزز موقفها التفاوضي في طاولة المفاوضات التي إنتهت جولتها الأولى مؤخراً، فماذا سيستفيد المواطن!! وإذا كانت الجبهة الثورية قد حملت السلاح من أجل الحقوق والمطالب، ومن أجل تقصير الحكومة، فما ذنب المواطن؟ هل هو طرف في هذه الحرب أم أنه سيعاقب من أجل وصول تلك القيادات لأهدافها.. وترى من يريد هؤلاء أن يحكموا هل السودانيون الذين يقومون بضربهم وترويعهم.. أم المواطنون الذين يستهدفون ممتلكاتهم وأرواحهم.. كما أن هناك سؤالاً إضافياً يطرح نفسه.. هل المشكلة بين الحكومة والحركات المسلحة وصلت لطرق مسدودة لدرجة تجعل المتمردين يحملون السلاح... ويضربون القرى شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً.. هل أصبح السلاح هو اللغة الوحيدة للوصول للمطالب.. أسئلة كثيرة حائرة تتزاحم أمام سنة قلمي وليتها تجد الإجابة؟ وليت القضية تقف عند هذا الحد فالسودانيون معروفون بالفزع وسيقفون مع أهل أم روابة ومع كل المدن الأخرى التي استهدفت، ونتمنى أن تتوقف الحرب وأن يعم السلام أرجاء بلادي، فقد سئمنا الحرب والدمار والتشريد، والمعسكرات، والتدخلات الخارجية، والدعم الخارجي، والجلوس على كراسي الحكم عن طريق دماء النساء والاطفال وجماجم الرجال، وهدم القرى والمدن.. سادتي علو قيمة الإنسان فقد جعله الله في الأرض خليفة.. ولا تعطوا قيمة لمن يحمل السلاح، ولا تلقوا له بالاً حتى لا يكون الضرب والضغط العسكري وسيلة لتقوية الموقف التفاوضي للحركات المسلحة، وأن لا يكون حمل السلاح أحد طرق إسقاط الأنظمة.. فالسلطة لابد أن يكون تبادلها سلمياً.