قلت للأخ والزميل الأستاذ عمار محجوب شوف لينا من بدري موضوع «الحلو»!! ضحك عمار وكان ساعتها يجلس أمام أحد أجهزة الكبيوتر بقسم الانترنت داخل الصحيفة، يا أستاذ تعال شوف «الحلو» القدامي دا!! ü عمار من تيم «آخر لحظة» الإخباري وأحد أركان القسم الأساسية.. وليلة أمس الأول كان محرر السهرة المناوب وجلسنا حتى وقت متأخر من الليل نتابع النبأ الذي تردد في الفضاء الاسفيري ويقول بمصرع القائد عبد العزيز الحلو بواسطة قذيفة شواظ بمعارك دارت بين الجيش والحركة الشعبية قطاع الشمال شرق كادقلي. ü قبل ورود النبأ كنت اتفرج على «يوتيب» يتحدث فيه عبدالعزيز الحلو أو بالأحرى يخطب في جمع!! تأملت الكلام والملامح السودانية «والكلام الحلو» وتذكرت المثل «اسمع كلامك أصدقك.. أشوف فعايلك استغرب». ü الخبر في حد ذاته مغرٍ ويصلح مانشيت بدون تردد.. هذه هي «عواطفنا» كصحفيين في التعامل مع الأحداث الطارئة.. نتعامل مع الحدث بإحساس بارد.. يهمنا «النشر» فقط !! إحساس أقل درجة من حيث البرودة عند الساسة.. يقتلون الناس «بدم بارد» من أجل السلطة والجاه!! نحن مثل الجنود نقاتل للحصول على أخبار في مساحات واسعة كحجم السودان ونتابع الأحداث في ظروف بالغة التعقيد ومعلومات شحيحة ومطابع لا تنتظر الصحيفة المتأخرة مهما كان حجم الحدث وخطورته!! ü كنا في حيرة وأجرينا الاتصالات هنا وهناك «حكومة ومعارضة» «أهالي ودستوريين»!! في تلك اللحظات جاءني إحساس بأن ذات الحيرة كانت تلف زملاءنا في الصحف الأخرى في ليل الخرطوم البهيم!! ü في ثوانٍ قررنا نشر الخبر في «حجم عادي» وعدم إبرازه في المنطقة العليا الحمراء من الصحيفة أو ما يعرف عندنا بالمانشيت.. وحجتنا أن «أركان» النشر لا تنطبق عليه مهنياً رغم أن مصرعه وارد طالما أنه في معركة!! ü صحف الخرطوم التي خرجت أمس عكست كلها حجم المعاناة والمتاعب والرهق اليومي الذي تعيشه الصحافة السودانية في الحصول على الخبر المهم والمثير مثل خبر مصرع الرجل الذي يقود التمرد على «الدولة» وعلى «المواطن» وعلى مباديء وقيم السودانيين في التسامح. ü قلت لعمار شوف لينا موضوع الحلو من بدري!! ماذا حدث؟ وماذا وراء قصة مصرعه؟ وماذا يقول جماعته؟ ضحك عمار وقال «الحلو قدامي»!! اقتربت من شاشة الكمبيوتر ووجدت صاحبنا يتفرج على صورة رومانسية على شاطيء أحد الأنهار ووسط حديقة غناء.. و«شخصان» يجلسان في إحدى الأرائك.. والبرنامج المعني يقدم عشرة أفكار رومانسية لمن يريد نزهة رومانسية في حديقة عامة. ü ضحكنا على طريقة «شر البلية» فلا توجد الآن في السودان فكرة رومانسية واحدة يمكن تطبيقها على أرض الواقع اليوم.. طفقنا نتذكر أغنية قديمة لصلاح بن البادية تقول: يا ليالي الصبر أمر من الصبر ذاتوا!! وود البادية يقول في الأغنية «أصلوا الصبر عاقبو الحلو».. وقطعاً الحلو المقصود هنا ليس عبد العزيز!! ü وتحياتي ل«عبد العزيز جلال».