لا أعرف إن كان السيد الرئيس له من الوقت ما يمكِنه من قراءة الصحف ، أو مدى حرص المسؤولين على ترتيب وقت سعادته و اطلاعه ببواطن ما نكتبه من ظلامات وتظلمات في الصحف ، بما يضمن وصولها إلى عنايته المباشرة مع الحفاظ على وقته الذي هو وقت الأمة والمواطن. كما لست متأكدًا من أن المسؤولين سيطلعونه على أحلام أو «منامات » السودانيين لا سيما ما يتعلق منها بحقوق الناس، وما يمر بهم من مرارات سببها بني آدم، وضعف البصر والبصيرة والتخطيط في هذا البلد. .وهنا أجد لزاماً على السخرية من النفس الأمارة بالسوء لجموح أمنياتي بعد أن لم يعر مظلمتي أحد وتلك منشورة في جريدة آخر لحظة بتاريخ -19/11/2012موجهة الى سعادته وإلى وزير الزراعة بولاية الخرطوم بعنوان ( مظلمة تربال إلى السيد الرئيس ووزير الزراعة بولاية الخرطوم) ، ملخصها أنه تم إبتزازي وبيع أوراق لا تجدي لي ولعدد آخر من المواطنين من عملاء مشروع عجيب أسمه (مشروع وادي سوبا شرق)، بيعت لنا فيه الأحلام والأوراق منذ عام 1996م لنفاد بعد كل هذه السنين أن المشروع حُوِّل إلى غرب أم درمان !! لأن مكانه القديم تمر به أنابيب بترول !!!! أو تقام عليه فلل فاخرة. مما ذكرني وذكر عملاء المشروع وضحاياته بأم دوم التي اختلطت فيها رائحة الحقل برائحة الدم، وأكد قناعة حزينة لديَّ بأن ولادة فرخة أو إنتاج بيضة في وطني تستغرق 17 عاماً .وكيف لي أن أنضم إلى مسيرة حاشدة كتلك التي في أم دوم مطالباً بحقي، وأنا في منفى بعيداً لا أملك فيه سوى الدُّعاء للوطن بكشف الغمة والفرج!! .بالأمس رأيت فيما يرى النائم أن نسراً هائلاً يتخطفني من بيتي في الصحافة شرق على مرأى من إخواني ووالدتي.ورغم ( نديهة ) الوالدة إلى ذلك الكاسر الجارح أن يدعني أكمل باقي أيام إجازتي في الوطن ، إلا أن النسر أجابها بصوت مخيف ، أنه لا جدوى من طلبها وإلحاحها ،فأنا من فئة دمها مستباح وحقها سليب. فئة تعود المسؤولون جسِّها كالخراف، قبل تمرير مديتهم عليها، وذبحها بين خطوط الطول والعرض في العالم.. حاولت الوالدة إقناعه بأنني أعرف بين أخوتي ب(بلِّاع الأسود)، وأن اغتيالي فيه مساساً بشرف المواطنة، والعدل الذي قال بشأنه الخليفة العادل عمر بن الخطاب(لو أن بغلةً في العراق تعثَّرت لخفت أن أسأل عنها لِمَ لَمْ أسوِّ لها الطريق). إن النِّسر كان ظالماً وعنيفاً ودموياً ،فطار بي جهة النهر والناس فزعين ينظرون إلى ثيابي المضرجة بالدِّماء ووجهي الذي علته كل تعابير الخوف والقهر والفزع. ومع قسوة مخالب النسر التي أدمت خاصرتي ، كنت أتأمل من عل حال هذا الوطن، أتذكر وعود و مواعيد مشروع سوبا شرق وأمنياتي في إنتاج الفول وعيش الريف واستيراد الأبقار والنعاج وإنتاج طماطم تضاهي الخواجيات في حمرة الخد ونضارة الوجه.دار النسر دورتين حول مقرن النيلين فصدر منه صوت مرعب -(عارف المكان دا وين؟) -أيوه يا النسردا ما المقرن. -هنا ممكن تبكي لو عايز. إغتاظ النسر لعدم تفاعلي مع طريقته السادية وزاد من إحكام قبضته حول خصري الدَّامي. .عندها مال بجناحيه الرهيبين مرورًا بمنطقة سوبا شرق ونحوها تجاه أم دوم ، كنت ألاحظ من عل مظاهرة عارمة تردد(الشعب يريد واطاتو الشعب يريد واطاتو).. وهنا قال النسر: -أها أرميك هنا ..والله نواصل؟ _أجبته: سيدي النسر ...لا مكان لي هنا فلم تعد أرض الوطن تسعني ..تقدم إلى الأمام وزد سرعتك بين السِّحاب .إن أردت فأرجعني إلى مهجري أو كلني غير عابيء بالوالدة كبيرة السن ..دامعة العين خطفتني من بين دعواتها وعطفها وحنانها ومن بين جيراني وأخواني. _ إنت يا دوبك عرفت الخطف؟ هو أنا أول زول يخطفك؟ عندها أيقنت أنه لا مكان لي في الوطن ما دام تحكمه قوانين الغابة وتسود فيه النسور الجوارح التي تحسن بيع السَّراب!!