تراجع تيري جونز القس المغامر المغمور «الخائب الخائس».. الخاسئ من الكلاب والخنازير والشياطين: البعيد الذي لا يُترك أن يدنو من الإنسان أي المطرود.. والخائب الذي لا نصيب له.. قال علي كرم الله وجهه: من فاز بكم فقد فاز بالقدح الأخيب أي السهم الخائب الذي لا نصيب له من قداح الميسر وهي ثلاثة المنيح والسفيح والوغدُ.. وخيَّبه الله أي حرمه.. تراجع جونز إذن عن حرق المصحف الشريف كما زعم.. وكنتُ خلافاً للكثيرين أتمنى أن ينفذ وعيده ويحرق نسخاً من المصحف الشريف حتى يعلم ويعلم من هم وراءه بأن القرآن الكريم ليس «أثراً تاريخياً» ولا هو «نسخة نادرة»، لكنه منهاج محفوظ في قلوب المؤمنين.. ورسالة للعاملين ومبشراً ونذيراً.. وليست «حماية» كتاب الله العزيز وكلامه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.. متروكة للبشر، فقد قال تعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».. من التحريف والتبديل والنسخ والزوال.. لذا فقد تمنيت أن يحرق جونز نسخاً من المصحف الشريف، وذلك لأنها ليست المرة الأولى التي يُدنَّس فيها المصحف الشريف، فقد فعلها الجنود الأمريكان مئات بل آلاف المرات في العراق وأفغانستان وغيرها وقد أنكروا بعضها واعتذروا عن بعضها.. لكن فعلة جونز كانت ستكون على رؤوس الأشهاد ليتحمل الغرب وزرها مثلما يحملنا أوزار الذين يقتلون باسم الدين، ونحن نقول بأن «قتل الناس باسم الدين لا يجعله ديناً»، وقد وصف القس هيباتيا في «رقوقه» جمع رق وهو جلد الغزال يُكتب عليه.. والتي ترجمها يوسف زيدان في كتابه عزازيل أولئك الجهال من حملة الصليب الذين أرادوا الخلاص من موروث القهر بالقهر ومن ميراث الاضطهاد بالاضطهاد.. وكانوا يرددون المجد ليسوع المسيح الموت لأعداء الرب!! وقال أكره أهل الصليب «وهو قس» لأنهم يأكلون كالجراد كل ماهو يانع في المدينة ويملأون الحياة كآبة وقسوة. وقال لا يجوز لإنسان إهانة عقائد غيره من الناس!! فهو بذلك مهينٌ ومهانٌ وهيِّن.. وكان هيباتيا يُغني وهو من الموحدين الذين لا يؤمنون بألوهية المسيح عليه السلام:- باسمك أيها المتعالي عن الأسم المتقدس عن الرسم والقيد والوسم أخلي ذاتي لذاتك كي يشرق بهاؤك الأزلي على مرآتك وتتجلى بكل نورك وسناك ورونقك باسمك أخلي ذاتي لذاتك لأولد ثانية من رحم قدرتك ومؤيداً برحمتك كان ذلك في مصر القديمة حيث كان قساوستها يمارسون البطش بالآخرين وكانوا أهل سلطان لا أصحاب إيمان يتمتعون بقسوة دينوية لا محبة دينية، كانوا لا يكترثون بالأصول ولا يهتمون إلا بالحاضر الماثل تماماً مثل القس جونز الذي أراد أن يحرق القرآن الذي لم يقرأه في حياته أبداً ولم يطلع على محتواه!! ومع ان أتباعه لا يزيدون عن الثلاثين شخصاً إلا إن تعرَّضه للقرآن بكل تلك البشاعة والكراهية العمياء يؤكد لنا بأنه حلقة من حلقات التآمر على الإسلام الحجاب.. المآذن.. الإساءة للرسول الكريم.. ثم حرق القرآن!! إنه صراع حضارات لا تجاوزات فردية. وحتى إن مُنع القس بأقناعه أو إجباره للتخلي عن فكرته المقززة كان بحجة الحفاظ على حياة الجنود الأمريكيين في العراق وأفغانستان وغيرها لا إكراماً لكتاب الله العزيز ولا حفاظاً على مشاعر المسلمين ولا التزاماً بالدستور الذي يقرر حرية الاعتقاد!! وقد أغاظني أكثر من محاولة إحراق المصحف تحرك المنظمات الإسلامية «كير» تحديداً لتوزيع المصحف المترجم للعديد من المواطنين الأمريكيين «يعني كنتو وين من زمان؟؟» لماذا لم تبشروا بدين الله كل هذا الوقت وأنتم تقيمون في أمريكا؟ ولماذا انزوى المسلمون وتواروا عن الأنظار بعد الحادي عشر من سبتمبر وكأن الإسلام هو الفاعل الحقيقي لتلك الواقعة.. ينبغي أن لا نخجل من أمر فُرض علينا لم نقترفه.. وقد أنشب أعداء الإسلام مخالب المقت في لحم ظهورنا المكشوفة.. وقد أُمرنا بأن لا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن مع إن هؤلاء ملأوا حياتنا بالآلام والآثام وهم يفاخروننا بدولتهم ونمط حياتهم، ولكن هل العقل كافٍ لمعرفة الحقيقة بلا هداية من السماء؟! إنه تلبيس إبليس وشيطان السلطة المكانية الذي لا يترك في الأرض برداً ولا سلاماً ولا سكينة ولا محبة. إنها عودة للجاهلية الأولى لإحراق إبراهيم عليه السلام فهل ماتت رسالته بعدما أنجاه الله من النار؟ ومثل صلب المسيح بزعمهم!! هل منع وصول رسالته؟ وأمثال إيذاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وتعذيب المسلمين الأوائل هل قعد برسالة أن تبلغ ما بلغ الليل والنهار؟؟ إنه الهوس الذي وإن تأجل اليوم فلم تطفأ نيران حقده على الإسلام والمسلمين لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض.. دعوهم يحرقون نسخاً من المصحف فالمطابع تنتج آلاف المصاحف. وأحملوا أنتم القرآن في صدوركم وطبقوه في حياتكم ولا تجعلوه وراءكم ظهرياً.. ثم تتباكوا عند إحراقه!! كلكم يبكي فمن سرق المصحف.. أو حرق المصحف؟ وهذا هو المفروض