مدني علي الخط : صلاح حاج بخيت : استيقظت ود مدني صبيحة الاثنين الماضي وهي تغسل وجهها لتمسح شلالات الدموع التي انسكبت على خدودها الحزينة الثكلى بعد اندياح خبر رحيل أحد أبرز رموزها الشوامخ.. وابنها البار بأهله وعشيرته ومدينته وبلاده الأستاذ والمعلم والمربي والإداري المتميز إسماعيل حسين كاروري.. الذي أسلم الروح لبارئها بعد أن داهمه المرض فجأة وهو يجهد نفسه مضحياً بصحته قرباناً لخدمة مدينته الحبيبة التي أدمن عشقها وظل يحملها دائماً وأبداً فوق تعريشة عينيه. بكت ود مدني وانتحبت كما لم تبكِ من قبل وهي تشيع كاروري لمثواه الأخير.. وتدافع الناس شيباً وشباباً نحو مقابر المدينة.. وهناك لم يكن المشيعون والمعزون يبحثون عن أبناء كاروري عارف وسعد وعزمي.. ولا عن أشقائه التاج وبابكر ومحمد أحمد ليعزوهم.. بل كانت الجموع تعزي بعضها البعض.. لأن كاروري كان أخاً حميماً وصديقاً صدوقاً للجميع. بكاه الرياضيون بحرقة وحسرة وأسى لأنه كان نهر عطاء لا ينضب نهلت منه أندية ود مدني وارتوى من حياضه اتحادها أيام الزمن الجميل.. وانساب فيضان عطائه ليغمر ملاعبها وساحاتها.. بكاه الاتحاديون وبكاه المعلمون وبكته كافة شرائح المجتمع.. وبكاه صديق عمره ورفيق دربه الهرم الرياضي عبد المنعم عبد العال حميده الذي ابتل جلبابه من فيضان الدموع.. ولسان حاله يردد كلمات ود بادي الحزينة: «أبكي وكبي الدمعة فوق الدمعتين يا عين.. بعد الليلة حابساها الدموع لمتين». رحل كاروري في الوقت الذي كانت فيه ود مدني تكتحل وتتزين وتتعطر لتزفه من جديد بجانب رفيق دربه عبد المنعم عبد العال لقيادة الاتحاد المحلي في المرحلة المقبلة.. عشماً في إعادة المدينة لزمنها الجميل وماضيها التليد بعد أن هرمت وتكلست في هذا الزمن البئيس.. وما كانت تدري أن يد المنون ستخطفه قبل أوان الزفاف بأيام معدودات. { شكراً لأبناء هذه المدينة الأوفياء الذين بادلوا الفقيد الوفاء بالوفاء.. شكراً لقبيلة الرياضيين في كل أرجاء وطننا الحبيب بكل ولاياته ومدنه وبلداته وقراه ونجوعه الذين قدموا لتقديم العزاء أو اتصلوا مواسين.. شكراً لكل الزملاء الإعلاميين بالعاصمة والولايات الذين اتصلوا معزين ونخص بالذكر من تكبدوا مشاق السفر الزملاء هساي وأحمد محمد الحسن وود الشريف وعلاء الدين وبدر الدين الباشا وشكر خاص جداً للأستاذ هساي وصحيفة آخر لحظة التي نعت الفقيد بالصورة والقلم وكرمته في صدر صفحتها الأولى بينما بخلت عليه صحيفة مدينته «الأمكنة» بسطر نعي واحد في صفحتها الأولى.. إلا أن العزاء في المادة القيمة التي أتحفنصا بها الزميلان تاج الأصفياء عبد المنعم وأسامة علي حسين عن الفقيد في الصفحة الرياضية لذات الصحيفة. ألا رحم الله الفقيد وغفر له واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. وألهم أهله وذويه وطلابه وأصدقاءه ورفقاء دربه الصبر الجميل على فراقه. آخر السطور وغير بعيد عن الأجواء الحزائنية.. تمر بنا هذه الأيام الذكرى السنوية الأولى لرحيل الأستاذ هاشم المهدي عميد الإعلاميين الرياضيين بالولايات وأحد رموز مدينة ود مدني في مجالات العمل السياسي والرياضي والاجتماعي والمسرحي.. للفقيد الرحمة والمغفرة ولن ننساك يا هاشم.