رأي : الصادق محمد سالم السنهوري : من الضروري أن نتعرض وبدقة إلى مشكلة النقل والمرور بولاية الخرطوم، وهذه المشكلة تعاني منها معظم المدن العربية إن لم تكن كلها، إذ أصبحت العواصم العربية تئن من مشكلة المرور بشكل أو بآخر. والقاهرة العاصمة المليونية تفاقمت بها مشكلة المرور إلى حد يصعب معه حلها، والخرطوم كإحدى العواصم العربية تعاني من نفس المشكلة. مقومات المشكلة أساساً تكمن لعدم توفر أماكن الانتظار أو الحوادث أو عدم استيعاب وسائل النقل العام للأفراد أو استعمال أكثر من وسيلة للرحلة الواحدة إضافة للعنصر الاقتصادي لتكلفة الرحلة.. الخ. وإذا كانت الخرطوم تعاني من مشكلة النقل والمرور فإن البؤرة الحقيقية لهذه المشكلة هو قلب الخرطوم وتحديداً محلية الخرطوم دون سواها، وكما هو معلوم ازدياد النمو العمراني صاحبه وزامنه معدل عال من ملكية السيارات وإننا ندرك العديد من التحديات المطلوب مواجهتها بولاية الخرطوم والعديد من الأهداف المطلوب تحقيقها، ولقد أشارت العديد من الدراسات إلى ما تحقق من نجاح وتنمية في كافة المجالات لم تقم إلا بفضل الإدارة وامتلاك القدرات الإدارية أغلب العواصم العربية الحياة بها أصبحت معقدة وستزداد تعقيداً مع الزمن وبالطبع سيبرز المزيد من المشكلات والأزمات ما لم نبذل كل جهودنا وطاقاتنا في عمل مخلص دؤوب لتشخيص أسباب الأزمات والعمل على حلها حلاً يتماشى مع واقع العلم والتخطيط السليم وامتلاك القدرات الإدارية. أقر المجلس التشريعي بالولاية بطرح «خيارين» أمام الولاية «معالجة القصور أو الرجوع لمواقف المواصلات القديمة»، وبالضرورة هنالك خيارات أخرى مفتوحة وأن معالجة القصور أمر بديهي والخيارات الأخرى تحتاج لرؤية ثاقبة، وحسب خبرتي الطويلة بولاية الخرطوم أدرك تماماً أن حل الأزمة يكمن في النواحي الإدارية من تخطيط وتحليل وتنظيم وتنفيذ ومتابعة وإعادة التخطيط، وأعلم ويعلم الجميع أن الولاية بذلت جهوداً مقدرة لتوفير عدد من وسائل النقل من بصات وحافلات ومشاركة مع القطاع الخاص وبذلت جهوداً مقدرة في تشييد المواقف وفتح الطرق وسفلتتها مع الاهتمام بالطرق الدائرية لتقليل الطلب على المواقف، وما زالت المعالجات مستمرة بشكل يومي، بل هذه الجهود تحتاج «لترتيبات إدارية» وهذا مربط الفرس، والخرطوم قلبها يحتاج لدراسة ضمن المخطط الهيكلي للولاية، والسؤال البديهي لماذا التكدس للبشر بقلب العاصمة الخرطوم؟.. الإجابة قلب الخرطوم أصبح يئن من كثرة البشر وذلك لوجود الجامعات والمستشفيات والعيادات والمؤسسات الحكومية ووكالات السفر والسياحة والبنوك والفنادق والحدائق العامة والمؤسسات الخدمية، وسبق لي أن أشرت لتفريغ قلب الخرطوم في مقال سابق. أجزم أن أزمة المواصلات ليست لنقص في المركبات أو المواقف، بل الأزمة تتطلب حلولاً إدارية بمشاركة المحليات وجهات الاختصاص، وأني أطرح بعض الأسئلة لرئيس الخدمات الهندسية بمجلس الولاية والإجابة عليها يمكن وضع حد لهذه الأزمة. كم عدد سكان ولاية الخرطوم عند آخر إحصاء؟.. وكم عدد حركة دخول الأفراد والمركبات والخروج منها في الفترة الصباحة والمسائية؟.. وكم عدد الذين يرتادون المواصلات ذهاباً وإياباً؟.. وما هي سعة الخط الدائري لاستيعاب المركبات في أوقات الذروة وما هو الزمن المستغرق للرحلة؟.. وما هي أماكن الاختناقات وعقد المواصلات التي تقلل من زمن السير؟.. وهل السبب الرئيسي بالمواقف القديمة وجود الباعة المتجولين الذين يسدون طريق المركبات ويتسببون في تأخيرها؟.. هل يوجد عدد كافٍ من أفراد شرطة المرور لتنظيم المركبات بالمواقف؟.. وهل توجد رقابة حقيقية؟ والسؤال البديهي متى يتم إنشاء الطرق الموازية للوصول لموقف شروني الجديد؟.. وهل تصنيع القطارات التي أشرت إليها وذات السعات الكبيرة نراه في الربع الأول من العام القادم؟.. وهل تم تجهيز طرق لتسير عليها هذه القطارات جنباً مع المركبات العامة والخاصة؟ عند الإجابة على هذه التساؤلات أرى أن الحل للأزمة يكمن في النواحي الإدارية.. إنه الضروري والممكن.