رأي: عبد الظاهر المقداد ابو بكر : أثبتت سنن التاريخ ان كل حركة سياسية او اجتماعية تودع قيمها او أفكارها او علاقاتها ومكتسباتها رهينة عند الطلقاء من الوافدين الجدد الذين لم يذاكروا التاريخ جيدا ،او يتربوا على القيم ولم يشهدوا بناء العلاقات او انجاز المكتسبات ،وما انفق في سبيل تحقيقها من زمن ورهق وعرق ودماء، تسقط أمام أهلها وبين أتباعها وهي تنظر، وما بين هذا الذهول من هول الأحداث ووقع المصاب، يجري على كل لسان هذا السؤال الذي طرحته من قبل قبيلة المسيرية ،هذه القبيلة التي وجدت نفسها بين نارين، الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي، وهي لم تقدم الا كل خير حيث تعيش في تعايش مثالي مع الدينكا في ارض هي لهم خالصة من غير نزاع، ودون تحكيم او حكم من احد، ويتفرق أبناؤها في ثنايا المؤتمر الشعبي، ودون ان يطلبوا لأنفسهم ما يميزهم او يزاحمون على المناصب العليا او مجالس الذكر والحظوة الترابية، لكنهم حين طفح بهم الكيل، وفاض الوزن جاءوا يهرعون الى دار الشعبي، رجاء ان يجدوا منصفا يضمد جراحهم وسماع شكواهم، ويجيب على سؤالهم: من اين اتيتم بهذا المدعو كمال عمر؟ هذا الذي هدم أسوار العلاقات وغزا الآمنين وظاهر على إخراجهم من أرضهم وديارهم، وذلك حين ركب الصعاب حتى يصل ارض جدوده، او كما يقول ان حبوبته من هناك، من جوبا وما أدراك ما جوبا ). لكن الترابي وللأسف دافع عن صاحبه، وكان له خصيماً، والشواهد امامة قائمة ،والأدلة دامغة، وأمينه السياسي يباهي بها اصحابه من المعارضين، ويغازل بها العاصمة جوبا ،ويتبرع بها في كل مجلس، وهو لا يدري كم تصنع كلماته مدفوعة الثمن في أهلنا المسيرية، وفوق اللهب و تحت أزيز الرصاص، وفي حمى نار القتل الذي لا يرحم، وقد وقف الأمين السياسي للشعبي سدا منيعا أمام عبور مقترح التحالف بان ينقسم الناس الى وفدين ،احدهم الى جوبا والآخر الى أهلنا المسيرية ،لكن كمال عمر كره ان يضمد جراح أهلنا المسيرية، وان يشرك مع جوبا شريكا آخر، وقال من أراد ان يذهب الى المسيرية فليذهب، أما انا فسوف اذهب الى جوبا، وهل يستطيع الترابي وحزبه ان يجيب على سؤال المنطق، إذ كيف يستقيم حزب يطرح نفسه معبرا عن الشعب، ومتجاوب مع تطلعاته وهي يحرض عليه في الهواء الطلق، وهو لا يستتر ولا يجد في ذلك حرج، ولماذا لا يعمل الترابي وحزبه بمبدأ العدالة في الإصلاح(وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)، وبينهما هنا تعني السعي المشترك المتوازن ،فهل سماء جوبا وأرضها اقرب إليكم من ابيي؟ وهل شعب الجنوب اعز عليكم من أهلنا المسيرية؟ وأما الإجابة فقد أتت باكرا مع أمينهم السياسي، والذي من المعلوم انه حط رحاله في جوبا ولم تتشرف به ارض المسيرية،فهل في ذلك شك حتى يستميت الترابي في الدفاع عن صاحبه. ان المسيرية كان لهم في لقاء الترابي سؤال واحد ،ولم يجدوا له إجابة، وهو من أين أتى الترابي بهذا الأمين السياسي؟ الذي يريد ان يتدرب على جسد الوطن، وفي الزمن القاتل، والذي يحسب بالثواني ،ولهم طلب واحد، اما ان يقال الأمين السياسي تكفيرا لما فعل في حق المسيرية ،واما ان ينسحب كل أهلنا المسيرية من حزب المؤتمر الشعبي، والذي سلطه مرافعه عليه، وظاهر على إخراجهم حيث ذهب أمينه السياسي الى جوبا وهو يزرف دموع التماسيح ليثير فيهم دوافع الفعل المضاد ، والتي لم تمثل عند قيادة الجنوب أكثر من بيان في ورقة ميتة لا تعي ولا تنطق، لكن طلبهم قوبل بالرد غير الجميل، حيث جهل الترابي مقدارهم وأراد ان يوجههم الى معركتهم مع الحكومة ،لكنهم أحصف من ذلك، وازكى، فأسروها في أنفسهم، ولم يبدوها له، وقطعا سوف تؤدي الى الانسحاب غير المشروط لأهلنا المسيرية من ضيق الشعبي الى رحاب الشعب ،وكان يمكن للترابي ان يطيب الخواطر، ويفعل كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد ، حين قال : اللهم إني ابرأ إليك مما صنع خالد. أما الأمين السياسي للشعبي كمال عمر فغداً نرى هل اعتداءه على أهلنا المسيرية ذلة لسان أم عود على بدء، حيث هذا منهجه، فكونوا معنا.